فإن قتله قاتل، فإن كانت الجناية خطأ.. وجب دية اللقيط على عاقله الجاني، ويأخذها الإمام إلى بيت المال إرثًا للمسلمين، كسائر أمواله.
وإن قتله عمدًا.. كان الإمام بالخيار: بين أن يقتل القاتل، وبين أن يعفو عنه على الدية؛ لأن ذلك يجب للمسلمين، والإمام نائب عنهم، ولا يفعل من ذلك إلا ما رأى فيه الصلاح.
وإن جنى عليه فيما دون النفس.. نظرت:
فإن كانت الجناية خطأ.. وجب الأرش للقيط ويأخذه الملتقط له؛ لأنه مال للقيط.
وإن كانت الجناية عمدا توجب القصاص، فإن كان اللقيط موسرًا.. لم يكن لوليه أن يقتص؛ لأن القصاص جعل للتشفي، والتشفي يحصل له إذا بلغ. وليس له أن يعفو على مال؛ لأنه لا حاجة به إليه. ويحبس له الجاني إلى أن يبلغ، وإن كان اللقيط معسرًا: فإن كان عاقلًا لم يكن للولي أن يقتص؛ لأن التشفي إنما يحصل للمجني عليه وليس له أن يعفو على مال؛ لأنه لا حاجة به إليه؛ لأن نفقته تجب في بيت المال. وإن كان معسرًا معتوهًا.. قال الشافعي:(أحببت للحاكم أن يعفو على مال؛ لأنه لا يرجى له أن يقتص، فكان العفو على مال أحظ) .
وأما إذا جني عليه بعد البلوغ.. نظرت:
فإن كانت على النفس.. فهو كما لو جنى عليه قبل البلوغ. وإن كانت على ما دون النفس، فإن كانت خطأ.. وجب له الأرش، وإن كانت عمدًا يجب فيها القصاص.. فهو بالخيار: بين أن يقتص، وبين أن يعفو على مال كغيره. هذا نقل البغداديين.
وقال المسعودي [في " الإبانة " ق\٣٦٧] : إذا قتل اللقيط عمدًا.. ففيه قولان: أحدهما: يقتص الإمام؛ لأنه وليه، كالأب ولي الصبي.
والثاني: لا يقتص؛ لأن أولياء اللقيط المسلمون، وهم لا يتعينون.