وروي: أن رجلا هاشميا بالبصرة وقف على أولاده وأولاد أولاده، وكان له ابن بنت، يقال له: ابن عائشة من أصحاب الحديث، وكان يأخذ من الوقف، فلما ولي عيسى بن أبان القضاء بالبصرة أسقطه من الوقف.
واختلف أصحاب أبي حنيفة فيما فعله عيسى بن أبان: فقال بعضهم: تحامل عليه، لكونه من أصحاب الحديث. فبلغ ذلك أبا حازم - وكان قاضيا ببغداد - فقال: ما تحامل عليه، وإنما هو مذهب محمد بن الحسن؛ لأنه قال: لو قال الإمام لمشرك: أمنتك وأولادك وأولاد أولادك.. لم يدخل أولاد البنات في الأمان؛ لأنهم لا يدخلون في إطلاق اسم أولاد الأولاد. ولهذا قال الشاعر:
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا ... بنوهن أبناء الرجال الأباعد
دليلنا: أنه لو قال: وقفت على أولادي لدخل فيه الذكور والإناث من ولد صلبه. فإذا قال: على أولاد أولادي.. دخل فيه أولاد بناته.
وأما البيت: فإنما أراد أن أولاده الذين ينسبون إليه، هم أولاد بنيه، دون أولاد بناته.
إذا ثبت هذا: فإن قال: وقفت هذا على أولاد أولادي الذين ينسبون إلي.. دخل فيه أولاد أبنائه دون أولاد بناته؛ لأن أولاد بناته لا ينسبون إليه.
وإن قال هاشمي: وقفت هذا على أولادي وأولاد أولادي الهاشميين.. دخل فيه أولاده الذكور والإناث، وأولاد أبنائه؛ لأنهم هاشميون.
وأما أولاد بناته: فمن تزوجت منهن بهاشمي فأولد منها.. دخل فيه؛ لأنه هاشمي. ومن تزوجت بعامي فأولد منها.. لم يدخل في الوقف؛ لأنه عامي، وليس بهاشمي.