قال في القديم:(يلزمه أن يثيبه) . وبه قال مالك؛ لما روي عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أنه قال: (من وهب هبة يرجو ثوابها.. فهي رد على صاحبها ما لم يثب عليها) .
وروي: أن رجلا سأل فضالة بن عبيد، فقال: إني أهديت إلى رجل بازيا فلم يثبني عليه، فقال: إن أثابك وإلا فارجع وخذ بازيك.
ولأن العرف والعادة: أن من وهب لمن أعلى منه، إنما يقصد به الثواب من المال، فصار هذا العرف كالشرط.
وقال في الجديد:(لا يلزمه أن يثيبه) . وبه قال أبو حنيفة، وهو الأصح؛ لأنه تمليك بغير عوض، فلم يقتض ثوابا كهبة الأعلى لمن هو دونه. وما روي عن عمر وفضالة بن عبيد، فقد روي عن ابن عباس وابن عمر خلافه. هذا نقل أصحابنا البغداديين.
وقال الخراسانيون: إذا وهب لمن هو في مثل حاله.. فهل يقتضي إطلاق الهبة الثواب؟ فيه قولان.
ومنهم من قال: إذا أطلق الهبة، فإن كان قد نوى الثواب.. استحقه، وإن لم ينو.. فهل يستحقه؟ فيه قولان.
فإن قلنا: لا يستحق إلا مع النية، فاختلفا: هل نوى أم لا؟ ففيه وجهان:
أحدهما: أن القول قول الواهب؛ لأن الأصل أنه لم يرض بزوال ملكه بغير عوض.
والثاني: أن القول قول الموهوب له؛ لأن الأصل عدم النية. والمشهور: طريقة البغداديين.