وإن قال: وهبتك درهما بدرهمين.. لم يصح على الطريقين؛ لأنه ربا.
وإن قلنا بقوله القديم.. نظرت: فإن أطلق ولم يشرط الثواب.. فالموهوب له بالخيار: بين أن يثيبه، وبين أن يرد الموهوب:
فإن اختار أن يثيبه: ففي قدر ما يلزمه ثلاثة أقوال:
أحدها: يلزمه أن يثيبه إلى أن يرضى الواهب؛ لما روى أبو هريرة: «أن أعرابيا أهدى للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ناقة، فأعطاه بدلها ثلاثا، فلم يرض، ثم أعطاه ثلاثا، فلم يرض، ثم أعطاه ثلاثا، فرضي، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لقد هممت أن لا أتهب هبة إلا من قرشي، أو أنصاري، أو ثقفي، أو دوسي» .
والثاني: يلزمه أن يثيبه بقدر قيمته. وهو قول مالك؛ لأن كل عقد اقتضى العوض إذا لم يسم فيه عوض.. وجبت فيه قيمة المعوض، كالنكاح.
والثالث: يلزمه أن يثيبه ما يكون ثوابا لمثله في العادة؛ لأن هذا الثواب وجب بالعرف، فوجب قدره بالعرف.
وحكى المسعودي [في " الإبانة " ق\٣٥٦] وجها آخر: أنه يلزمه أن يثيبه ما يقع عليه الاسم؛ لأنه رضي بزوال ملكه بعوض، وقد يشتري الشيء النفيس بالثمن القليل.