[إحداها] : ضرب تجوز لهم الوصية ولا تجب، بلا خلاف بين أهل العلم، وهو: من كان أجنبيا من الموصي؛ لأن البراء بن معرور أوصى للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بثلث ماله فقبلها منه، ولا قرابة بينهما؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قرشي والبراء أنصاري.
والضرب الثاني: تجوز لهم الوصية ولا تجب عندنا، وهم من لا يرث الموصي وبينهما قرابة، كالعمات والخالات، وسائر ذوي الأرحام. أو كان ممن يرثه إلا أن هناك من يحجبه.
وقال الضحاك، والزهري، وأبو مجلز، وداود، وابن جرير:(تجب لهم الوصية؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ}[البقرة: ١٨٠][البقرة: ١٨٠] .
ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي به يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عند رأسه» فعلق الوصية على الإرادة.
ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنك أن تترك ورثتك أغنياء.. خير من أن تتركهم عالة» . وهذا يدل على أنها لا تجب؛ لأن ترك الوارث غنيا لا يكون خيرا من الواجب.
وروي: (أن عليا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - دخل على [رجل من بني] هاشم، فقال له: لي ثمانمائة درهم، أفأوصي؟ قال: لا) .
وروي:(أن ابن عباس دخل على مريض، فقال: لي سبعمائة درهم، أفأوصي؟ قال: لا، إنك لا تترك خيرا) . والخبر عنده ثمانمائة درهم. وقيل: ألف.