وقال الشيخ أبو إسحاق: هل تصح الوصية بما زاد على الثلث؟ فيه قولان:
أحدهما: لا تصح؛ لـ:«أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى سعدا عن الوصية بما زاد على الثلث» والنهي يقتضي فساد المنهي عنه.
والثاني: تصح؛ لأن الوصية صادفت ملكه، وإنما يتعلق بها حق الوارث فيما بعد، وذلك لا يمنع صحة تصرفه، كما لو اشترى رجل شقصا فيه شفعة، فباع الشقص قبل أن يأخذه الشفيع.
فإن قلنا: إن إجازة الورثة في الوصية للوارث فيما زاد على الثلث تنفيذ لما فعله الموصي.. كفاهم لفظ الإجازة، ولا يحتاج الموصى له إلى قبول الإجازة.
وإن قلنا: إن إجازة الورثة ابتداء عطية منهم.. ففيه وجهان:
[إحداهما] : قال الشيخان - أبو حامد وأبو إسحاق -: لا يصح ذلك إلا بما تصح به الهبة من الإيجاب والقبول، والإذن بالقبض، والقبض.
و [الثاني] : قال القفال، والمسعودي [في " الإبانة " ق\ ٤١٠] ، وابن الصباغ: يكفيه لفظ الإجازة على القولين؛ لأن الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - قال في جميع كتبه:(إذا أجاز الورثة ذلك.. كانت عطية) ولأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«لا وصية لوارث إلا أن يجيز الورثة» فعلقها على الإجازة، فدل على أنهم إذا أجازوها بلفظ الإجازة.. صح.
وإن أعتق المريض عبدا لا مال له غيره.. عتق ثلثه عليه، وثبت ولاؤه له.
وأما ثلثاه: فإن لم يجز الورثة العتق.. رق. وإن أجازوه.
فإن قلنا: إن الإجازة تنفيذ لما فعله الميت.. كفاهم لفظ الإجازة، وكان ولاء جميع العبد للمريض.
وإن قلنا: إن الإجازة ابتداء عطية منهم.. فهل تفتقر إلى لفظ العتق، أو يكفي فيه لفظ الإجازة؟ على وجهين.