[أحدهما] : قال عامة أصحابنا: هو شرط في الملك على ما سيأتي بيانه؛ لأنه تمليك لعين، فلم تصح من غير قبول، كالبيع والهبة.
و [الثاني] : قال ابن الصباغ: ينبغي أن يقال: إن القبول في الوصية ليس بشرط في صحة الملك، وإنما يتبين به اختياره للملك حال الموت، فتبين حصول الملك باختياره.
ولا يصح القبول إلا بعد موت الموصي؛ لأن إيجاب الوصية بعد الموت، فكان القبول بعده.
وإذا قبل الموصى له الوصية بعد الموت.. حكم له بالملك. ومتى يملك؟ فيه قولان مشهوران:
أحدهما: أن الملك حصل له بشرطين: الموت والقبول. وبه قال أبو حنيفة؛ لأنه تمليك عين لمعين، فلم يقع الملك فيه قبل القبول، كالهبة.
فقولنا:(تمليك) احتراز من الميراث.
وقولنا:(عين) احتراز من الوقف.
وقولنا:(لمعين) احتراز من الوصية للفقراء والمساكين.
والقول الثاني: أن الملك موقوف. فإن قبل الموصى له.. تبينا أنه ملك بالموت. وإن لم يقبل.. تبينا أنه لم يملك، وأن الملك بعد الموت كان للورثة، وهو الصحيح؛ لأن الموصى به بعد موت الموصي لا يخلو: إما أن يقال: إنه ملك للميت، أو يقال: إنه دخل في ملك الورثة، أو يقال: إنه قد ملكه الموصى له، أو يقال: إنه مراعى، فبطل أن يقال: إنه ملك للميت؛ لأنه جماد لا يملك. وبطل أن يقال: إنه ملك للورثة؛ لأنهم لا يملكون إلا بعد الدين والوصية، ولأنه خلاف الإجماع.
وبطل أن يقال: إنه قد دخل في ملك الموصى له؛ لأنه لو ملكه.. لما صح رده له، كالميراث.