سائر أصحابنا: يستأجر من يحج عنه بأقل ما يؤخذ من الميقات. فإن عجز الثلث عن حجه من الميقات.. بطلت الوصية فيه، ورجع ملكاً للورثة، كما لو قال: اشتروا عبيدا وأعتقوهم، فاشتري عبدان، وفضل من الثلث مال يمكن أن يشترى به بعض الثالث.. فإنه يكون للورثة.
قال المسعودي [في " الإبانة " ق\٤١٩] : وفيه قول آخر في الموضعين: أنه يتصدق بالبقية، وهذا ليس بمشهور.
وإن قال: أحجوا عني بمائة من ثلثي في حج التطوع.. حج عنه بها من حيث أمكن من بلده إلى الميقات، فإن لم يوجد من يحج بها عنه من الميقات.. بطلت الوصية، وكانت للورثة.
وإن قال: أحجوا عني بثلثي.. صرف الثلث فيما أمكن من عدد الحجج، وهل يكون من البلد أو من الميقات؟ على وجهين:
[أحدهما] : على قول أبي إسحاق: يكون من بلده.
و [الثاني] : على قول سائر أصحابنا: يكون من الميقات.
فإن اتسع الثلث لحجة أو حجتين، وبقي منه بقية لا يمكن أن يستأجر به من يحج من الميقات.. بطلت الوصية بها وردت إلى الورثة، ولا تصرف إلى العمرة؛ لأن الموصى به الحج دون العمرة.
وإن قال: أحجوا عني فلاناً، ولم يقدر له أجرة.. فهل يجب استئجاره بأجرة مثله، أو بأقل ما يؤخذ؟ على الوجهين في المسألة قبلها.
وإن قال: أحجوا عني فلانا بمائة.. اعتبر جميعها من الثلث؛ لأنها تطوع، فإن امتنع الأجير المعين عن الحج.. ففيه وجهان:
أحدهما: أن الوصية بالحج تبطل، ولا يستأجر غيره؛ لأنه قصد إرفاق هذا الأجير. وإذا رد الوصية.. بطلت، كما لو وصى له بشيء فرده.
والثاني: لا تبطل بل يستأجر غيره بأقل ما يؤخذ، وهو الأصح؛ لأنها وصية تتضمن قربة، فإذا ردها الموصى له.. لم تبطل القربة، كما لو وصى أن يباع له ثوب