تصح هبة الثاني في ثلث ما صح له من العبد، فاحتيج إلى قطع الدور فنقول: صحت هبه الأول في شيء من العبد، فلما وهبه الموهوب من الواهب.. رجع إلى الواهب ثلث ذلك الشيء، فمات الواهب الأول وفي يد ورثته عبد يساوي مائة إلا ثلثي شيء تعدل شيئين، فاجبر المائة بثلثي الشيء الذي نقصت به المائة، ورد ذلك على الشيئين المعادلين لها، فتصير مائة تعدل شيئين وثلثي شيء، فأقسط الشيئين أثلاثاً، وضم إليه ثلثي الشيء فيصير ثمانية أجزاء، فالشيء الكامل ثلاثة أجزاء من ثمانية- وهو الذي صحت به هبة الأول- ثم يرجع إلى الأول من هبة الثاني جزء من الثلاثة، فيصير مع ورثته ستة أثمان العبد- وهو مثلا ما صحت الهبة منه فيه- ويبقى مع ورثة الثاني جزءان من ثمانية - وهو مثلا ما صحت الهبة منه فيه.
فلو أن الواهب الأول أعتق هذا العبد بعد أن اتهبه من الثاني.. فإن أبا العباس بن سريج قال: يدخل عتقه في تمام الثلث- وهو سهمان من أربعة وعشرين - فيكون لورثة الموهوب له الأول أربعة أسهم، ويعتق منه سهمان، ويبقى لورثة الواهب الأول ستة عشر سهما مثلا ما خرج منه بالهبة والعتق.
وقال ابن اللبان: هذا خطأ، بل لا يعتق منه شيء؛ لأنه بدأ بالهبة قبل العتق ولم يحتمل الثلث للهبة أكثر من ثلاثة أثمانه، فكيف يصح العتق بعده؟ ولأن هبة الأول قد صحت في تسعة أسهم من أربعة وعشرين، ثم يصح عتقه في سهمين، فيؤدي إلى أن تصح وصيته في أحد عشر من أربعة وعشرين، ويبقى مع ورثته ثلاثة عشر وذلك أقل من مثلي ما خرج منه بالوصية.. وذلك لا يجوز.