فلولا أن الدعاء يلحقهم.. لما أثنى عليهم بالدعاء لإخوانهم.
وروي: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«إذا مات الإنسان.. انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له» .
فمعنى (الصدقة الجارية) : الوقف.
ومعنى (العلم المنتفع به) : إما كتب علم وقفها، أو علم غيره.
فأما ما سوى ذلك من القرب، كالصلاة والقراءة والذكر.. فلا يلحق الميت ثوابها بفعل الغير لها عنه، قال أصحابنا: إلا أنه إذا قرئ القرآن عند القبر أو الميت.. فإن ثواب القراءة للقارئ، ولكن الرحمة تنزل حيث يقرأ القرآن، فيرجى أن تعم الرحمة الميت؛ لأنه كالجالس بينهم. هذا مذهبنا.
وحكي عن أحمد بن حنبل: أنه قال: (يلحق الميت ثواب ما يفعل عنه من الصلاة، والقراءة، والذكر) .
ودليلنا: قَوْله تَعَالَى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى}[النجم: ٣٩][النجم: ٣٩] وهذا عموم إلا فيما خصه الدليل.
وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا مات الإنسان.. انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له» وهذا ليس بواحد منها.
وإن أعتق عن الميت رقبة، فإن لم يكن في ذمته رقبة من كفارة متحتمة بالعتق أو بالنذر، ولا أوصى بها.. لم يقع ذلك العتق عن الميت؛ لما ذكرناه. وإن كان في ذمته عتق رقبة متحتمة من نذر أو كفارة قتل أو ظهار، فأعتق عنه الوارث أو الوصي.. صح ذلك عن الميت وإن كان بغير إذنه؛ لأنه واجب عليه وهم يقومان مقامه في أداء الواجب عليه.