وإن لم يحتمل الثلث جميع قيمة العبد.. فنص الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (أنه يكاتب منه القدر الذي يحتمله الثلث) .
واختلف أصحابنا فيه: فمنهم من قال: في هذا قولان، كما لو كاتب نصيبه من العبد المشترك بإذن شريكه. فنص هاهنا على أحدهما.
وقال أكثرهم: يصح هاهنا قولًا واحدًا.
والفرق بينهما: أنا إنما منعنا المكاتبة في بعض المشترك لما يلحق الشريك من الضرر، وهاهنا لا ضرر على الورثة؛ لأنهم ملكوه وقد لزمتهم مكاتبته، ولأن الكتابة في العبد المشترك غير مستحقة، والوصية في الكتابة استحقت، فإذا تعذرت في جميعه.. بقي الاستحقاق في ببعضه.
فإذا قلنا بهذا: وأوصى أن يكاتب عبده على مائة وقيمته مائة ولا مال له غيره، أو كاتبه في مرض موته على مائة وقيمته مائة ولا مال له غيره.. صحت الكتابة في ثلثه بحصته من مال الكتابة.
وهل تزداد التركة إذا أدى المكاتب مال الكتابة؟ حكى المحاملي في " التجريد " فيه قولان:
أحدهما ـ وهو المشهور ـ: أن التركة لا تزداد بذلك؛ لأن التركة ما يخلفها الميت، ومال الكتابة حصل للورثة بعد موت السيد من ملكهم، فهو كثمرة البستان وولد الجارية بعد الموت.
والثاني ـ وهو اختيار المحاملي ـ أن التركة تزداد بذلك؛ لأن هذا المال إنما استفيد بعقد الكتابة، وعقد الكتابة وجب تنفيذه بوصية الميت، فكان كالمال الذي استفيد بسبب من جهة الميت.
فإذا قلنا بهذا: دخله الدور، وهو: أنه إذا كاتبه على مائة في مرض موته وقيمته مائة.. قيل للمكاتب: إن عجلت مال الكتابة.. جازت الكتابة في نصفك بنجمين، فحصل للورثة نصف الرقبة ونصف مال الكتابة، وذلك مثلا ما صحت فيه الكتابة.
وحسابه: تجوز الكتابة في شيء من الرقبة، وتبطل في رقبة إلا شيئًا، ويؤدي