وعلى هذا القول الذي يقول: إن الإحبال لا يسري إلا بدفع القيمة.. فكل واحد منهما يقر لصاحبه بنصف قيمة ولده ويدعي على صاحبه بنصف قيمة ولده، فإن كانت قيمة الولدين متساوية، وقلنا: يسقط ما على أحدهما بمثل ما له على الآخر.. فلا يمين على أحدهما. وإن كانت قيمة أحدهما أكثر.. حلف من كثرت قيمة ولده؛ لأن الأصل براءة ذمة كل واحد منهما مما يدعيه الآخر.
إذا ثبت هذا: فإن هذه الجارية توقف ولا تصير أم ولد لواحد منهما؛ لأن قول أحدهما ليس بأولى من قول الآخر. ويؤخذان بنفقتهما، فِإن مات أحدهما.. ففيه وجهان:
أحدهما ـ وهو قول أكثر أصحابنا، ولم يذكر الشيخ أبو حامد غيره ـ: أنه لا يعتق شيء من الجارية لاحتمال ِأن تكون أم ولد للثاني منهما خاصة، ولا يقع العتق بالشك.
والثاني ـ حكاه ابن الصباغ عن أبي علي بن أبي هريرة، وأبي علي الطبري، واختاره القاضي أبو الطيب ـ: أنه يعتق نصفها؛ لأن الميت كان قد أقر بأن نصفها أم ولد له وهي في يده، فلزم ذلك في حق ورثته. ويكون ولاء هذا النصف موقوفًا، بخلاف العتق؛ لأنه يبنى على التغليب والسراية.
وإن ماتا جميعًا.. حكم بعتقها بلا خلاف؛ لأن موت سيدها الذي صارت أم ولد له منهما متيقن، ويكون ولاؤها موقوفًا إلى أن يتبين الحال.
فإن ماتت الجارية بعد ذلك، فإن كان لها وارث من جهة النسب يحوز ميراثها.. ورثها ولا كلام. وإن كان وارثها هو مولاها.. وقف ميراثها إلى أن يصطلح عليه ورثة السيدين.
وإن كانا معسرين.. فكل واحد منهما يقر أن نصيبه من الجارية أم ولد له والآخر يصدقه؛ لأن الاستيلاد مع الإعسار لا يسري، وكل واحد منهما يقر لصاحبه بنصف