فأما وقت جوازه: فمن بعد عقد الكتابة إلى حين أداء مال الكتابة؛ لعموم الآية، ولأن القصد إعانته على الأداء، وذلك يحصل كل وقت من هذه الأوقات.
وأما وقت وجوبه: ففيه وجهان:
أحدهما: لا يجب إلا بعد؛ لأنه مشبه بالمتعة في الطلاق، والمتعة لا تجب إلا بعد الطلاق.
والثاني ـ وهو قول أبي إسحاق ـ: أنه يتعين وجوبه إذا أدى أكثر مال الكتبابة وبقي عليه قدر الإيتاء؛ لأنه إذا آتاه وقد بقي عليه أكثر من قدر الإيتاء ربما عجز نفسه بعد ذلك، فلا يحصل المقصود بالإيتاء. وأما قدره: ففيه وجهان:
أحدهما ـ وهو قول أبي إسحاق ـ أن الإيتاء يختلف باختلاف مال الكتابة، فإن كثر مال الكتابة.. كثر الإيتاء. وإن قل مال الكتابة.. قل الإيتاء.
هكذا حكاه الشيخان: أبو حامد، وأبو إسحاق عن أبي إسحاق، وحكاه ابن الصباغ عنه: أن الإيتاء يختلف بيسار المكاتب وإعساره.
فإن تراضيا على قدر الإيتاء.. فلا كلام، وإلا.. رفعاه إلى الحاكم؛ ليقدره باجتهاده، كما قلنا في المتعة.
والثاني ـ وهو المنصوص ـ:(أنه يجزئ السيد من ذلك ما يقع عليه الاسم من قليل أو كثير) ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ}[النور: ٣٣](النور: ٣٣) وهذا عموم يقع على القليل والكثير.