للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يفي بمال الكتابة وبالأرش.. كان له أن يفدي نفسه بدفع الأرش مما في يده؛ لأن له صرف ماله في مصلحته، وهذا من أعظم المصالح.

وبكم يفدي نفسه في الجناية على سيده؟ فيه قولان:

أحدهما: بأقل الأمرين من قيمته أو أرش الجناية.

والثاني: بأرش الجناية بالغا ما بلغت، كالقولين في العبد القن إذا جنى على الأجنبي واختار السيد أن يفديه؛ لأنه يمكن تعجيزه وبيعه في الجناية، كما يمكن بيع العبد القن.

فإذا قلنا: ليس له أن يفدي نفسه إلا بأقل الأمرين.. دفع أقل الأمرين من الأرش أو قيمته، وكان باقيا على كتابته.

فإن قلنا: له أن يفدي نفسه بأرش الجناية بالغا ما بلغ، فإن كان الأرش أقل من قيمته.. دفعه ولا كلام. وإن كان الأرش أكثر من قيمته.. قال الشيخ أبو حامد: فدى نفسه بأرش الجناية بالغا ما بلغ.

وقال القاضي أبو الطيب: إذا قلنا بهذا: فهل له أن يدفع ما زاد على قيمته إلى سيده؟ يبنى على هبته لسيده:

فإن قلنا: تصح.. كان له ذلك.

وإن قلنا: لا تصح.. لم يكن له ذلك.

قال ابن الصباغ: وقول القاضي يقتضي أن للسيد أن يمتنع من قبول ذلك؛ لأنه لا يلزمه قبول الهبة منه. قال: وعندي أنه يلزمه قبول ذلك؛ لأنه لا يمكنه أن يفدي نفسه إلا بذلك. فإذا أمكنه أن يؤدي ذلك ويؤدي ما عليه من مال الكتابة.. لم يكن للسيد أن يمتنع؛ لأنه يخلص نفسه وإن كان بأكثر من قيمته. فإن كان ما في يده لا يفي بمال الكتابة وأرش الجناية.. فللسيد تعجيزه ورده إلى الرق؛ لأنه إذا كان له تعجيزه عند عجزه عن أداء مال الكتابة، فلأن يكون له تعجيزه عند عجزه عن مال الكتابة وأرش الجناية أولى. فإذا عجز.. عاد رقيقا وسقط عنه مال الكتابة وأرش الجناية؛ لأن المولى لا يثبت له على عبده مال.

<<  <  ج: ص:  >  >>