غير أنه لا يلزمه إلا أقل الأمرين من أرش الجناية أو قيمته قولا واحدا؛ لأن محل أرش الجناية على الأجنبي رقبته لا ذمته، فلم يستحق المجني عليه أكثر من هذا، بخلاف جنايته على سيده، فإنه إذا عتق لزمه الأرش بالغا ما بلغ في أحد القولين؛ لأن محل أرشه ذمته لا رقبتة.
إذا ثبت هذا: فإن جنى المكاتب جنايات كثيرة فأدى مال الكتابة قبل أرو ش الجنايات.. عتق بالأداء، ولزمه أن يفدي نفسه من المجني عليهم. وفي قدر ما يلزمه لهم قولان:
أحدهما: يلزمه أقل الأمرين من قيمته أو أرش جنايته على كل واحد منهم؛ لأن كل واحدة من الجنايات اقتضت أن يفديها بأقل الأمرين من قيمته أو أرشها، وقد منع نفسه منها بأدائه وعتقه، فضمن ذلك، كما لو انفردت.
فعلى هذا: قد يلزمه عشرون قيمة، بأن يجني على عشرين نفسا.
والقول الثاني: لا يلزمه إلا أقل الأمرين من قيمته أو جميع الأروش، وهو اختيار المزني. وهو الأصح؛ لأن أرو ش الجنايات كلها تعلقت برقبته، وقد أتلفها بالعتق في الأداء، فلم يلزمه أكثر من قدر قيمة، كما لو منع مانع من بيعه بقتله.
فعلى هذا: لا يلزمه إلا قيمة واحدة، فإن كانت الأروش أكثر منها.. تحاصوا فيها على قدر حقوقهم.
وإن جنى جنايات كثيرة فبادر سيده وأعتقه قبل الأداء.. عتق، ولزم السيد أن يفديه؛ لأنه أتلف محل الأرش. وفي قدر ما يلزمه القولان في المكاتب إذا عتق بالأداء:
أحدهما: أقل الأمرين من قيمته أو أرش جنايته على كل واحد منهم.
والثاني: أقل الأمرين من قيمته أو أرش الجنايات كلها.