والثاني: يجزئه؛ لأنه تطهير نص فيه على جامد، فلم يختص به، كالاستنجاء والدباغ) . وفيه احتراز من إزالة النجاسة بالماء.
واختلف أصحابنا في موضع القولين:
فمنهم من قال: القولان في حال عدم التراب، فأما مع وجود التراب: فلا يجوز بغيره قولاً واحدا. وهو ظاهر النص؛ لأن الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - نص على القولين، إذا كان في البحر حيث يعدم التراب، فعلم أن مع وجوده لا يقوم مقامه غيره قولاً واحدًا.
ومنهم من قال: القولان في الحالين؛ لأنه على القول الذي يقول: لا يجوز بغير التراب.. شبهه بالتراب ًفي التيمم، وجعل التيمم بالتراب أصلاً له، وعندنا: لا يجوز التيمم بغير التراب، مع وجود التراب، ولا مع عدمه.. فيجب أن يكون الغسل بغير التراب لا يجوز ـ على هذا القول ـ مع وجود التراب، ولا مع عدمه، كالأصل الذي قاس عليه.
وعلى القول الذي قال: يجوز الغسل بغير التراب.. شبهه بالاستنجاء والدباغ، وجعل الأحجار في الاستنجاء، والدباغ في القرظ أصلا له. والاستنجاء يجوز بغير الأحجار، مع وجود الأحجار ومع عدمها. والدباغ يجوز بغير القرظ مع وجود القرظ ومع عدمه.. فيجب أن يجوز غسل الإناء بغير التراب ـ على هذا القول ـ مع وجود التراب، ومع عدمه، كالأصل الذي قاس عليه.
وأما كلام الشافعي ـ - رَحِمَهُ اللَّهُ - في البحر ـ: فلم يذكر البحر على سبيل الشرط، وإنما ذكر الموضع الذي تدعو الحاجة إلى العدول إلى غير التراب؛ لأنه مع وجود التراب.. لا غرض له في العدول عنه.
إذا ثبت هذا: فذكر في " الإبانة "[ق \ ٥ و٦] :
إذا قلنا: يقوم غير التراب مقامة في الإناء.. ففي الثوب أولى.