ويرجع العبد على مولاه بالعوض الذي دفعه إليه؛ لأنه دفعه إليه عما عليه له فإذا لم يكن له عليه شيء.. رجع عليه به.
ويرجع المولى على العبد بقيمته من غالب نقد البلد؛ لأنه إنما أزال ملكه عنه بشرط أن يسلم له العوض الذي شرطه، فإذا لم يسلم له وتعذر الرجوع إلى رقبته.. رجع عليه بقيمته، كما لو باع سلعة بشرط فاسد وتلفت السلعة في يد المشتري.
وتعتبر قيمة العبد حال العتق؛ لأنها حالة الإتلاف، فإن كان أحد العوضين من غير جنس الآخر.. طالب كل واحد منهما بحقه الذي له عند صاحبه. وإن كان العوض الذي له دفعه العبد إلى السيد من جنس نقد البلد وعلى صفته.. فالحكم فيه ـ وفي كل دينين من الأثمان أحدهما من جنس الآخر وعلى صفته ـ واحد، وهو: أنه هل يصير أحدهما قصاصا عن الآخر؟ فيه أربعة أقوال:
أحدهما: يسقط أحدهما بالآخر وإن لم يتراضيا ولا رضي أحدهما؛ لأنه لا فائدة في قبض كل واحد منهما لحقه، ولأنه يجب عليه دفعه أو مثله.
والثاني: أنه لا يسقط أحدهما بالآخر إلا بأن يرضى أحدهما بذلك؛ لأنه إذا رضي أحدهما.. فقد رضي أن يقضي الدين الذي عليه من الدين الذي له، وله أن يقضي ما عليه من أي ماله شاء، ولم يكن للآخر الامتناع.
والثالث: أنه لا يسقط أحدهما بالآخر إلا برضاهما جميعا؛ لأنه إبدال ذمة بذمة، فلم تصح إلا برضاهما، كالحوالة.
والرابع: أنه لا يسقط أحدهما بالآخر وإن تراضيا؛ لأنه بيع دين بدين، فلم يصح.
وكل موضع قلنا: يسقط أحدهما بالآخر، فإن كانا متماثلين.. سقط أحدهما بالآخر، وإن كان أحدهما أكثر من الآخر.. سقط الأقل، وسقط من الأكثر بقدر الأقل، ودفع ما بقي عليه.
قال ابن الصباغ: وإن كان الحقان من غير جنس الأثمان.. فلا يسقط أحدهما بالآخر.