وقال: لا أعلم عينه منهما.. فما دام حيا لا يقرع بينهما، ولكن يقال له: تذكر الذي أدى منهما أو الذي أبرأته منهما؛ لأن ذلك أقوى من القرعة، فإن تذكر وقال: هذا الذي أدى إلي مال الكتابة، أو هذا الذي أبرأته.. حكم بعتقه.
فإن صدق الآخر السيد أنه لم يؤد أو أنه لم يبرئه.. كان باقيا على كتابته.
وإن قال الآخر: أنا الذي أدى مال كتابته، أو أنا الذي أبرأته، فإن صدقه السيد.. حكم بعتقه أيضا مع الأول، وإن كذبه ولا بينة للثاني.. فالقول قول السيد مع يمينه: أنه لم يؤد إليه أو أنه لم يبرئه؛ لأن الأصل بقاء المال في ذمته. فإذا حلف له السيد.. بقي على كتابته، وإن نكل السيد.. حلف المكاتب وعتق أيضا.
وإن مات المولى قبل أن يبين.. فقد قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - في " المختصر ": (يقرع بينهما) وقال في موضع آخر: (لا يقرع بينهما) فحصل فيها قولان:
أحدهما: يقرع بينهما، فمن خرج له سهم الحرية.. عتق؛ لأن الحرية تعينت لأحدهما وأشكل عينه ولا يمكن التمييز إلا بالقرعة. قال المحاملي: فعلى هذا: إن ادعى الآخر على الورثة أنه هو الذي أدى مال كتابته أو أبرأه السيد.. حلف الورثة: أنهم لا يعلمون أنه قد أدى مال كتابته، أو أن مورثهم أبرأه.
والقول الثاني: أنه لا يقرع بينهما؛ لأنه لا يؤمن أن يخرج سهم الحرية للذي لم يؤد فيرق المعتق، ولكن يرجع إلى بيان الوارث، فيقال للوارث: أتعلم الذي أدى أو أبرئ؟ فإن قال: نعم.. قيل له: عينه، فإذا عين أحدهما.. حكم بعتقه.
فإن قال الآخر: بل أنا الذي أدى مال كتابته أو أبرأه السيد.. حلف الوارث أنه لا يعلم أنه الذي أدى أو أبرئ.. وبقي على الكتابة. وإن قال الوارث: لا أعلم عين المؤدي أو المبرأ، فإن صدقه المكاتبان أنه لا يعلم.. بقيا على الكتابة، وإن كذباه وادعيا علمه بالمؤدي منهما أو بالمبرأ.. حلف لكل واحد منهما يمينا وبقيا على الكتابة.