أحدهما: لا يطهر حتى يصب على النجاسة سبعة أضعافها من الماء؛ لأن الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - قال:(ويصب الماء على البول سبعة أضعافه) .
والثاني ـ وهو المذهب ـ: أن قدر المكاثرة: هو أن يصب على النجاسة ماءٌ يغمرها ويستهلكها، مما يذهب بلونها ورائحتها، وقد نص الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - على هذا في " الأم "[١/٤٤] . وأما قوله:(يصب الماء على البول سبعة أضعافه) : فليس على سبيل التقدير، بل أراد على حكم الغالب، وأن البول لا يذهب برائحته ولونه إلا هذا القدر.
وإن بال في الأرض اثنان.. ففيه وجهان:
[الأول] : من أصحابنا من قال: يجب لبول كل واحد ذنوبٌ؛ لأن الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - قال:(وإن بال اثنان.. لم يطهره إلا ذنوبان) .
والثاني ـ وهو الصحيح ـ: أنه يكفي فيه المكاثرة، على ما ذكرناه؛ لأن ذلك يؤدي إلى التناقض، بأن يطهر البول الكثير من واحد بذنوب، وما دون ذلك من اثنين لا يطهر إلا بذنوبين. وكلام الشافعي محمول على حكم الغالب في العادة، وأن بول الواحد لا يغمره إلا ذنوبٌ، وبول الاثنين لا يغمره إلا ذنوبان.
وإن أصابت الأرض نجاسةٌ مستحسةٌ، كالعذرة، والسرجين، ولحم الميتة، وفي أحدهما رطوبةٌ.. فتطهير الأرض يحصل بأن تزال عنها الأعيان النجسة، ثم يطهر موضعها، إما بأن يقلع التراب الذي بلغت إليه رطوبة النجاسة، أو بأن يغسل على ما ذكرناه في الذائبة.
وإن طين على النجاسة بطينٍ طاهرٍ، أو بترابٍ طاهر، وصلى فوق ذلك.. صح مع الكراهة، كالمقبرة التي لم تنبش.
وإن اختلطت العذرة بالتراب، ولم تتميز.. فإنها لا تطهر بصب الماء عليها؛ لأن أعيان النجاسة لا تطهر بالماء، وإنما تطهر بأن يزال ذلك التراب الذي بلغت إليه رطوبة