وهل يصح ذلك منه قبل البلوغ وبعد التمييز؟ فيه وجهان، حكاهما المسعودي [في " الإبانة " ق\٣٨٨] :
أحدهما: يصح منه، كما يصح منه أن يختار الكون مع أحد الأبوين.
والثاني: لا يصح، لأن طبع الرجل والمرأة إنما يختلفان بعد البلوغ.
فإن قال: أنا رجل فزوج بامرأة فحبلت امرأته وحبل هو.. تبينا أنه امرأة، وأن نكاحه كان باطلاً، وأن ولد المرأة غير لاحق به، لأن الحمل يدل على الأنوثية قطعاً.
وإن قال الخنثى: أنا أشتهي جماع النساء والرجال، أو لا أشتهي واحدا منهما. فهو مشكل.
والحكم في توريث المشكل: أنه يعطى ما يتيقن أنه له، وإن كان معه ورثة.. أعطي كل وارث منهم ما يتيقن أنه له، وهو أقل حقيه، ووقف الباقي إلى أن يتبين أمر الخنثى أو يصطلحوا عليه.
فإن مات ميت وخلف ابنا خنثى مشكلاً لا غير.. أعطي نصف ماله، وإن كانا خنثيين.. أعطيا الثلثين ووقف الباقي إلى أن يتبين أمرهما أو يصطلحوا عليه.
وقال أبو حنيفة:(يعطى الخنثى المشكل ما يتيقن أنه له، ويصرف الباقي إلى العصبة) . وخرجه ابن اللبان وجها آخر، وليس بمشهور.
وذهبت طائفة من البصريين إلى أنه: إذا خلف ابنا خنثى مشكلاً لا غير.. أعطي ثلاثة أرباع المال، واختلفوا في تنزيل حاله.
فمنهم من قال: تنزيل حاله أنه يحتمل أن يكون ذكراً، فيكون له جميع المال، ويحتمل أنه أنثى، فيكون له نصف المال والباقي للعصبة، فالنصف متيقن له، والنصف الآخر يتنازعه هو والعصبة، فيكون بينهما.
ومنهم من قال: تنزيل حاله أنه يحتمل أن يكون ذكراً، فيكون له جميع المال، ويحتمل أنه أنثى، فيكون له نصف المال، فيعطى نصف ميراث ذكر ونصف ميراث أنثى.