لأن الاعتبار وجود العدالة حال العقد.. وإن بان أنهما فاسقان حال العقد.. لم يصح النكاح، لأن فسقهما ينافي قبول شهادتهما على النكاح.
ومن أصحابنا من قال: فيه قولان، كالقولين في الحاكم إذا حكم بشهادة شاهدين ظاهرهما العدالة، ثم بان فسقهما حال الشهادة. وليس بشيء.
فإن ترافع الزوجان إلى الحاكم، وأقرا بالنكاح، وأنه عقد بشهادة رجلين ظاهرهما العدالة، واختصما في حق من حقوق الزوجية، كالنفقة والكسوة وما أشبههما.. فإن الحاكم يحكم بينهما فيما احتكما فيه، ولا ينظر في حال عدالة الشاهدين في الباطن، إلا أن يعلم أنهما فاسقان.. فلا يحكم بينهما.
فإن جحد أحد الزوجين الآخر، فأتى المدعي منهما بشاهدين، فإن علم الحاكم عدالتهما ظاهرا وباطنا حين عقد النكاح.. حكم بصحة النكاح. وإن علم فسقهما حال الشهادة.. لم يحكم بصحة العقد، بل يحكم بفساده على المذهب. وإن عرف أنهما كانا عدلين في الظاهر، وجهل عدالتهما في الباطن.. فلا يجوز أن يحكم بصحة العقد ولا بفساده، بل يتوقف إلى أن يعلم عدالتهما في الباطن، لأنه لا يجوز أن يحكم بشهادة شاهد إلا بعد المعرفة بحاله ظاهرا وباطنا، بخلاف ما لو أقرا بالنكاح. هكذا ذكر الشيخ أبو حامد في " التعليق ".
وذكر ابن الصباغ: أن الرجل إذا ادعى نكاح امرأة بولي وشاهدي عدل، فأقام شاهدين عند الحاكم.. فإنه يبحث عن حالهما حين الحكم، ولا يبحث عن حالهما حين العقد. والأول أصح.
وهل ينعقد النكاح بشهادة أعميين، أو أعمى وبصير؟ فيه وجهان:
أحدهما: ينعقد، لأن الأعمى من أهل الشهادة.
والثاني: لا يصح، لأنه لا يعرف العاقد، فهو كالأصم الذي لا يسمع لفظ العاقد.