وحكى المسعودي [في" الإبانة "] قولاً آخر: أنه لا يتعلق تحريم المصاهرة بوطء الشبهة.. وليس بشيء.
فإذا قلنا بالمشهور.. ففيمن تعتبر الشبهة؟ فيه قولان، حكاهما المسعودي [في" الإبانة "] :
الصحيح: أنها تعتبر بالرجل.
والثاني: تعتبر بأيهما كانت. وليس بشيء.
وإن باشر امرأة فيما دون الفرج بشهوة في ملك أو شبهة، بأن قبلها أو لمس شيئا من بدنها.. فهل يتعلق بذلك تحريم المصاهرة، وتحرم به الربيبة على التأبيد؟ فيه قولان:
أحدهما: يتعلق به التحريم- وبه قال أبو حنيفة ومالك رحمة الله عليهما- لأنه روي ذلك عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وأرضاه، ولا مخالف له في الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وأرضاهم.. ولأنه تلذذ بمباشرة، فتعلق به تحريم المصاهرة والربيبة، كالوطء.
فقولنا:(تلذذ) احتراز من المباشرة بغير شهوة. وقولنا:(بمباشرة) احتراز عن النظر.
والثاني: لا يتعلق به تحريم المصاهرة ولا الربيبة-وبه قال أحمد رحمة الله عليه- لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ}[النساء: ٢٣][النساء:٢٣] ، فشرط الدخول، وهذا ليس بدخول، ولأنه لمس لا يوجب الغسل، فلم يتعلق به التحريم، كالمباشرة بغير شهوة.
وإن نظر على فرجها بشهوة.. لم يتعلق به تحريم المصاهرة ولا تحريم الربيبة.
وقال الثوري وأبو حنيفة رحمهما الله:(يتعلق به التحريم) . وحكاه المسعودي [في" الإبانة "] قولا آخر للشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وليس بمشهور.
دليلنا: أنه نظر إلى بعض بدنها، فلم يتعلق به التحريم، كما لو نظر إلى وجهها.