وبيان التشريك: أنه جعل البضع ملكا للزوج وابنته؛ لأنه إذا قال: زوجتك ابنتي.. فقد ملك الزوج بضعها، فإذا قال: على أن تزوجني ابنتك ويكون بضع كل واحدة منهما مهرا للأخرى.. فقد شرك ابنة الزوج في ملك بضع هذه المزوجة؛ لأن الشيء إذا جعل صداقا.. اقتضى تمليكه لمن جعل صداقا لها، فصار التشريك حاصلا في البضعين، فلم يصح.
إذا ثبت هذا: فإن الشغار مأخوذ من الرفع، يقال:(شغر الكلب) : إذا رفع رجله، فكأن كل واحد منهما رفع رجله لصاحبه عما طلب منه، وقيل: سمي هذا النكاح شغارا؛ لقبحه تشبيها من رفع الكلب رجله ليبول.
وإن قال: زوجتك ابنتي على أن تزوجني ابنتك، واقتصر على هذا.. فالنكاح صحيح؛ لأنه لم يحصل في البضع تشريك، وإنما حصل الفساد في الصداق، وهو: أنه جعل مهر ابنته أن يزوجه الآخر ابنته، ففسد المهر المسمى، ووجب مهر المثل. هذا نقل البغداديين من أصحابنا.
وقال المسعودي [في " الإبانة "] : هل يصح النكاح؟ فيه وجهان:
أحدهما: يصح؛ لما ذكرناه.
والثاني: لا يصح؛ لأنهما لم يسميا صداقا صحيحا، ولكن جعل كل واحد منهما عقد نكاح كل واحدة منهما صداقا للأخرى؛ لأنه أخرج ذلك مخرج الصداق. والأول هو المشهور.
وإن قال: زوجتك ابنتي على أن تزوجني ابنتك، ويكون مهر كل واحدة منها كذا وكذا.. فيصح النكاحان، ويبطل المهران المسميان، ويجب لهما مهر المثل، سواء اتفق المهران أو اختلفا؛ لأنه لم يحصل في البضعين تشريك، وإنما حصل الفساد في المهر؛ لأنه شرط مع المهر المسمى أن يزوجه ابنته، فهو كما لو قال: زوجتك ابنتي بمائة على أن تبيعني دارك.. فإن النكاح صحيح، والمهر باطل.