الرجل على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب الأول، أو يأذن له فيخطب» ، ولأن في ذلك إضرارًا بالأول؛ لأنها ربما مالت إلى الثاني وتركت الأول.
قال في " الأم ": (وإن قالت امرأة لوليها: زوجني ممن شئت، أو ممن ترى حل لكل أحد خطبتها) ؛ لأنها لم تأذن في تزويجها من رجل بعينه فتضر به خطبة الثاني.
وإن خطب رجل امرأة فصرحت له بالرد، أو سكتت عنه ولم تصرح برد ولا إجابة.. حل لكل أحد خطبتها؛ لما «روت فاطمة بنت قيس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قالت: طلقني زوجي أبو حفص بن عمر وهو غائب بالشام ثلاثًا، فأتيت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأخبرته بذلك، فأمرني أن أعتد في بيت ابن أم مكتوم وقال:" إذا حللت.. فآذنيني "، فلما انقضت عدتي أتيته فأخبرته وقلت له: إن معاوية وأبا جهم ـ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - ـ خطباني، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أما معاوية: فصعلوك لا مال له، وأما أبو جهم: فلا يضع العصا عن عاتقه، ولكن أدلك على من هو خير لك منهما ". قلت: من يا رسول الله؟ قال " أسامة بن زيد "، قلت: أسامة؟ ! قال:" نعم أسامة "، فكرهت نكاحه، فقال:" انكحي أسامة "، فنكحته فكان منه خير كثير واغتبطت به» .
قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (ولم تكن فاطمة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أذنت في نكاحها من معاوية - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ولا من أبي الجهم - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وإنما كانت تستشير النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ومعلوم أن الرجلين إذا خطبا امرأة.. خطبها أحدهما بعد الآخر، فلم ينكر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على الآخر منهما، ثم خطبها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لثالث بعدهما، فدل على جوازه) .
وإن خطب رجل امرأة إلى وليها، وكان ممن يخيرها، فعرض له بالإجابة ولم يصرح، مثل أن يقول: أنا أستشير في ذلك، أو أنت مرغوب فيك، أو يشترط شرائط للعقد، مثل: تقديم المهر وغيره.. فهل يحرم على غيره خطبتها؟ فيه قولان:
[أحدهما] : قال في القديم: (يحرم على غيره خطبتها) . وبه قال مالك، وأبو