وحكى الشيخ أبو إسحاق، عن أبي سعيد الأصطخري أنه: يقضى عليه بنكوله من غير أن تحلف؛ لأنه أمر لا تعلمه. وليس بشيء؛ لأنه حق نكل فيه المدعى عليه عن اليمين، فحلف المدعي، كسائر الحقوق. وقوله:(إنه أمر لا تعلمه) يبطل بكنايات الطلاق والقذف.
فإذا ثبت أنه عنين بإقراره، أو بيمينها بعد نكوله.. فإن الحاكم يؤجله سنة، سواء كان الزوج حرا أو عبدا.
وحكى عن مالك رحمة الله عليه: أنه قال: (يؤجل العبد نصف سنة) .
دليلنا: ما رويناه عن الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وأرضاهم: أنهم قالوا: (يؤجل سنة) ، ولم يفرقوا. ولأن العجز عن الوطء قد يكون للعجز من أصل الخلقة، وقد يكون لعارض، فإذا مضت عليه سنة.. اختلفت عليه الأهوية، فإن كان ذلك قد أصابه من الحرارة.. انحل في الشتاء، وإن أصابه من الرطوبة.. انحل في الصيف وشدة الحر، وإن كان طبعه يميل إلى هواء معتدل.. أمكنه ذلك في الفصلين الآخرين. فإذا مضت عليه سنة ولم يقدر على الوطء.. علم أن عجزه من أصل الخلقة. ولأن بعضهم قال: الداء لا يستجن في البدن أكثر من سنة، ثم يظهر.
ولا يضرب المدة له إلا الحاكم؛ لأن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وأرضاه أجل العنين سنة بعد ثبوت العنة. ولأن من الناس من قال: يؤجل، ومنهم من قال: لا يؤجل. وكل حكم مختلف فيه.. فلا يثبت إلا بالحاكم، كالفسخ بالعيوب والإعسار بالنفقة.
ولا يضرب له الحاكم المدة إلا من حين ترافعها إليه بعد ثبوت العنة. فأما إذا أقر الزوج للزوجة بالعنة وأقاما على ذلك زمانا.. فلا يحكم عيه بالتأجيل؛ لأن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وأرضاه ضرب أجل العنين سنة، والظاهر أنه إنما ضرب له المدة من حين ترافعها إليه.