للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن طلق واحدة أو أربعا.. وقع عليها الطلاق، وكان ذلك اختيارا لها للزوجية؛ لأن ذلك يتضمن الاختيار؛ لأن الطلاق لا يقع إلا في زوجة.

فإن قال لواحدة: فارقتك، أو اخترت فراقك.. فذكر الشيخان - أبو حامد وأبو إسحاق -: أن ذلك يكو اختياراً لفسخ نكاحها.

وقال القاضي أبو الطيب: يكون ذلك اختياراً لها للزوجية، فتقع عليها الفرقة، ويعتد بها من الأربع الزوجات؛ لأن الفراق صريح في الطلاق، فلما كان الطلاق في واحدة منهن اختيارا لزوجيتها، فكذلك لفظ الفراق.

قال ابن الصباغ: وهذا وإن كان مبنيا على هذا الأصل، إلا أنه مخالف للسنة، «فإن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لغيلان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: " اختر منهن أربعا، وفارق سائرهن» ، وكذلك «حديث نوفل بن معاوية - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - حيث قال له النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " فارق إحداهن» ، وهذا يقتضي: أن يكون لفظ الفراق فيه صريحا، كما قلنا: إنه صريح في الطلاق، فيكون صريحا في الطلاق وفي الفسخ؛ لأنه حقيقة فيهما، ويتخصص بالموضع الذي يقع فيه. فإن كان ظاهر من واحدة منهن أو آلى منها.. لم يكن ذلك اختيارا لها؛ لأنه قد يخاطب به غير الزوجة.

وإن وطئ واحدة.. ففيه وجهان:

أحدهما: يكون ذلك اختيارا لها بالنكاح؛ لأن الظاهر أنه لا يطأ إلا من يختارها للنكاح، كما قلنا في البائع إذا وطئ الجارية المبيعة في حال الخيار.. فإنه فسخ للبيع.

والثاني: لا يكون ذلك اختيارا لها؛ لأن ما يتعلق به استصلاح النكاح، لا يكون بالوطء، كالرجعة.

فإذا قلنا: إنه اختيار للموطوءة للنكاح، فوطئ أربعا منهن.. لزم نكاحهن، وانفسخ نكاح البواقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>