قال ابن الحداد: إن كان قد سمى لها مهرا حلالا.. وجب لها نصفه، وسقط عنه نصفه. وإن كان قد سمى لها مهرا حراما، كالخمر والخنزير ولم تقبضه.. وجب لها نصف مهر المثل. وكذلك: لو كان عنده امرأة وعمتها، أو امرأة وخالتها وأسلمتا معه قبل الدخول، في حالة واحدة، أو كانتا كتابيتين.. فله أن يختار إحداهما، وحكم المهر على ما مضى.
فأما إذا تقدم إسلامه على إسلامهما أو على إسلام إحداهما، أو تقدم إسلامهما على إسلامه أو إسلام إحداهما.. لم يخير بينهما، بل ينفسخ النكاح بينه وبين التي اختلف إسلامه وإسلامها.
وخالفه أبو بكر القفال المروزي ـ من أصحابنا ـ وقال: إذا أسلم أو أسلمتا معه قبل الدخول، في وقت واحد، أو كانتا كتابيتين، واختار إحداهما للنكاح وفارق الأخرى، فإن قلنا: إن أنكحة المشركين صحيحة.. كان للتي فارقها نصف المهر ـ كما قال ابن الحداد ـ وإن قلنا: إن أنكحتهم فاسدة إلا ما انضم إليه الاختيار.. لم يجب عليه للتي فارقها شيء؛ لأنها تكون باختياره لفراقها بمنزلة من لم يعقد عليها.
قال القاضي أبو الطيب: والصحيح: ما قال ابن الحداد؛ لأنه جعل الاختيار إليه، فإذا اختار أربعا ممن زاد عليهن أو اختار إحدى الأختين.. فنكاح التي اختارها للنكاح صحيح. ومن اختار منهن للفسخ.. فإنها لا تصير بمنزلة من لم يعقد عليها باختياره؛ لأنه قد كان يمكنه أن يختارها للنكاح، فإذا اختارها للفسخ.. صار كأنه طلقها، فيجب لها نصف المهر.
وأما إذا أسلم وعنده امرأة وابنتها وأسلمتا معه في حالة واحدة قبل الدخول، أو كانتا كتابيتين.. قال ابن الحداد: فإن قلنا: إن أنكحة المشركين صحيحة ـ وهو اختيار ابن الحداد والقاضي أبي حامد وأبي إسحاق المروزي ـ فإنه يلزمه نكاح البنت، ويبطل نكاح الأم، ولا يلزمه للأم شيء؛ لأن بطلان نكاحها لم يكن باختياره. وإن قلنا: إن أنكحة المشركين باطلة، وإنما يحكم بصحتها إذا انضم إليها الاختيار ـ وهو اختيار الشيخين: أبي حامد وأبي إسحاق ـ فإن له أن يختار أيتهما شاء للنكاح، فإذا اختار