قال أبو علي بن أبي هريرة: ويجيء على هذا: أن الألفين في الأولى للزوجة، وهذا مخالف لما نقله المزني وذكره الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " الأم " في التي قبلها.
والأول أصح؛ لأنه إنما أصدقها ألفا لا غير، وما شرطه لأبيها وأمها لا يستحقانه ولا تستحقه الزوجة؛ لما قدمناه في التي قبلها.
إذا ثبت هذا، فقد ذكر المزني بعد الأولى: ولو نكح امرأة على ألف وعلى أن يعطي أباها ألفًا.. كان جائزًا، ولها منعه وأخذها منه؛ لأنها هبة لم تقبض أو وكالة.
قال أصحابنا: أخطأ المزني في النقل؛ ولا فرق بين هذه والأولى، ويكون المهر فاسدًا، وإنما نقل المزني جواب مسألة ثالثة ذكرها الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " الأم "(٥/٦٥) : (وهو: إذا تزوجها بألفين على أن تعطي أباها منهما ألفًا.. فيكون المهر جائزًا؛ لأنها قد ملكت الألفين بالعقد، وما شرطه عليها من دفعها لأبيها ألفًا لا يلزمها؛ لأنه إن كان هبة منها.. فلا تلزم عليها قبل القبض، أو على سبيل الوكالة منها لأبيها في القبض وذلك لا يلزم عليها، وإذا لم يلزمها.. سقط، ولا يؤثر ذلك في المهر؛ لأن المرأة لم تنقص من مهرها شيئًا لأجل هذا الشرط، ولأن الزوج زاد في مهرها لكي تعطي أباها؛ لأنه لا منفعة له في ذلك) .
قال الشيخ أبو حامد: وكذلك إذا أصدقها ألفين على أن يعطي الزوج منهما ألفًا لأبيها.. لم يؤثر ذلك؛ لأن ذلك هبة منها أو توكيل في قبضها، والتصرف لها، لا حق للزوج في ذلك.
قال الشيخ أبو حامد: ومعنى هذا عندي: أنه لم يرد به الشرط، وإنما أراد به: أنه تزوجها على ألفين على أن لها أن تعطي أباها ألفًا.. أو يعطي هو أباها ألفًا، فالحكم ما ذكرناه.
وأما إذا خرج ذلك مخرج الشرط: فينبغي أن يفسد المهر؛ لأنه لم يملكها المهر ملكًا تامًا؛ لأنه إذا شرط أن يعطي بعضه لغيرها.. فلم يملكها ملكًا تامًا، فبطل.
وقد حكى الصيمري هذا عن بعض أصحابنا، ثم قال الصيمري: وهذا هو قياس