ولا يجيء في هذا القول: أن تسلم المرأة نفسها إلى عدل، كما قلنا في البائع؛ لأن معنى قولنا:(تسلم نفسها) نعني به: ليطأها الزوج، وهذا لا يحصل بتسليمها نفسها إلى العدل.
وسقط هاهنا القول الثالث في البيع، وهو قولنا: يجبر البائع أولًا على تسليم السلعة إلى المشتري؛ لأنا إذا أجبرنا البائع على تسليم السلعة.. أخذ الثمن من المشتري إن كان حاضرًا، وإن كان غائبًا.. حجر على المشتري في السلعة وفي جميع أمواله إلى أن يسلم الثمن. والزوجة هاهنا بمعنى البائع، فلو أجبرناها على تسليم نفسها - وهو: تمكينها الزوج من وطئها - ربما أتلف ماله بعد وطئها، أو أفلس وقد أتلف بُضعَها؛ لأنه لا يتأتى فيها ما ذكرناه في السلعة. هذا نقل أصحابنا البغداديين.
وقال المسعودي (في " الإبانة ") : بل في الصداق ثلاثة أقوال أيضًا:
أحدها: لا يجبران.
والثاني: يجبران؛ بأن يوضع الصداق على يد عدل، وتجبر المرأة على التمكين.
والثالث: يجبر الزوج.
والأول هو المشهور.
فإذا قلنا لا يجبران.. لم تجب لها عليه نفقه في حال امتناعها؛ لأن الزوج لا يختص بالامتناع.
وإن قلنا: يجبر الزوج أولًا.. فلها النفقة في حال امتناعها قبل تسليم الزوج المهر؛ لأن المنع من جهته.
فإن تبرعت المرأة وسلمت نفسها إليه ووطئها الزوج.. لم يكن لها أن تمتنع بعد