وإن هلكت العين في يد الزوج قبل أن تقبضها الزوجة.. سقط حقها من العين؛ لأنها قد تلفت ولا يبطل النكاح؛ لأن النكاح ينعقد بغير مهر، فلا يبطل بتلف الصداق، ويجب على الزوج ضمان الصداق للزوجة؛ لأنا قد تبينا أنه مضمون عليه إلا أن تقبضه الزوجة. وفيما يضمنه به قولان:
(أحدهما) : قال في الجديد: (ترجع عليه بمهر مثلها) - وهو اختيار المزني، وأبي إسحاق المروزي، والقاضي أبي الطيب - لأنه عوض معين تلف قبل القبض، وتعذر الرجوع إلى المعوض، فوجب الرجوع إلى بدل المعوض، لا إلى بدل العوض، كما لو اشترى عبدًا بثوب، وقبض العبد وتلف العبد، والثوب عنده.. فإنه يجب عليه قيمة العبد لا قيمة الثوب.
فقولنا:(عوض معين) احتراز من العوض في الذمة.
وقولنا:(تعذر الرجوع إلى المعوض به) ؛ لأن الشرع قد منع الزوجة من الرجوع إلى بُضعِها بتلف الصداق، فرجعت إلى بدله. وفيه احتراز من المبيع إذا تلف قبل القبض والثمن باق.
و (الثاني) : قال في القديم: (ترجع عليه ببدل العين التالفة) - وهو قول أبي حنيفة، وأحمد رحمة الله عليهما، واختيار الشيخ أبي حامد، وابن الصباغ - لأن كل عين يجب تسليمها.. لا يسقط ضمانها بتلفها، فإذا تلفت.. ضمنت ببدلها، كالعين المغصوبة.
فقولنا:(عين يجب تسليمها) احتراز مما لم يجب تسليمه، كالعين المبيعة والثمن قبل البيع.
وقولنا:(لا يسقط ضمانها بتلفها) احتراز من العين المبيعة والثمن إذا تلفا قبل القبض.