وإن قلنا: إنه عتق بصفة.. لم يكن له الرجوع بنصفه؛ لأنه لا يمكن الرجوع فيه إلا بإزالة الملك. وحمل النص على هذا القول.
و (الطريق الثاني) : منهم من قال: لا يرجع بنصفه، وإنما يرجع بنصف قيمته قولًا واحدًا، وهو ظاهر النص؛ لأن العبد قد ثبت له حق الحرية، وفي الرجوع إلى نصف القيمة جمع بين الحقين، فكان أولى، كما لو وهبته وأقبضته.
و (الطريق الثالث) : منهم من قال: له أن يرجع بنصف العبد قولًا واحدًا؛ لأن على القول الذي يقول:(التدبير وصية) .. فهو تصرف غير لازم، فلا يمنع الرجوع. وعلى القول الذي يقول:(هو عتق بصفة) .. يصح الرجوع فيه بما يزيل الملك، ودفعها لنصفه إلى الزوج يزيل ملكها عنه، فهو كالبيع.
إذا ثبت هذا - وقلنا: له أن يرجع إلى نصفه ـ: فإن الشيخ أبا حامد قال في " التعليق ": تجبر المرأة على الرجوع بنصفه بالقول، إذا قلنا:(إن التدبير وصية) .
قال ابن الصباغ: فإذا قلنا: يرجع الزوج إلى نصفه.. كان الزوج مخيرًا: بين أن يرجع إلى نصفه، وبين أن يرجع إلى قيمة نصفه؛ لأن العبد إذا كان نصفه مدبرًا.. نقصت قيمة النصف الثاني؛ لأنه لا يأمن أن يرافعه إلى حاكم حنفي، فيحكم بتدبير جميعه، فيسقط حقه.
وإن دبرته ثم رجعت في التدبير بالقول - إذا قلنا:(إنه وصية) - أو بإزالة الملك، ثم رجع إليها، ثم طلقها قبل الدخول.. ثبت له الرجوع بنصفه.
وإن طلقها وهو مدبر، وقلنا: لا يكون له الرجوع بنصفه، فقبل أن يأخذ نصف قيمته رجعت في التدبير بالقول والفعل، ورجع إلى ملكها.. فقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " الأم "(٥/٦٠) : ليس له الرجوع بنصفه؛ لأنه رجع إلى ملكها، وقد تعلق حقه بنصف قيمته) .