فهل يرجع عليها في الدين؟ فيه قولان، ومنهم من يقول: هما وجهان:
أحدهما: يرجع عليها بنصفه؛ لأنها قد ملكت الصداق بالعقد، فهو كالعين.
والثاني: لا يرجع عليها بشيء، وهو الصحيح، والفرق بينهما: أن الصداق إذا كان عينا.. فقد ضمنته بالقبض، وفي الدين لم تضمنه بالقبض، فلم يرجع عليها بشيء، ألا ترى أن الصداق لو نقص في يده ثم طلقها قبل الدخول.. لم برجع بالنقص؛ لأنها لم تضمنه؟ هذا نقل أصحابنا البغداديين.
وقال المسعودي (في " الإبانة ") : إن قلنا في العين: يرجع عليها.. ففي الدين أولى أن يرجع عليها. وإن قلنا: لا يرجع عليها في العين.. ففي الدين قولان، والفرق بينهما: أن هناك عاد إليه بعقد جديد، بخلاف هذا.
وإن قبضت نصف الصداق، ثم وهبته النصف الباقي منه، ثم طلقها قبل الدخول، فإن قلنا: يرجع عليها إذا وهبت جميع الصداق له.. رجع عليها هاهنا بالنصف أيضًا. وإن قلنا هناك: لا يرجع عليها بشيء.. فهاهنا قولان:
(أحدهما) : قال في " الأم ": (لا يرجع عليها بشيء؛ لأنه إنما يرجع عليها بالنصف، وقد تعجل له ذلك النصف، فلم يرجع عليها بشيء) .
و (الثاني) : قال في " الإملاء ": (يرجع عليها بنصف الباقي؛ لأنها لو وهبته جميعه.. لم يرجع عليها بشيء، فإذا وهبته نصفه.. كان ذلك من حقها وحقه؛ لأن حقهما شائع في الجميع) .
فإذا قلنا بهذا.. ففي كيفية رجوعه ثلاثة أقوال:
أحدها: يرجع عليها بالنصف الباقي؛ لأنه يستحق عليها النصف، وقد وجده.
والثاني: يرجع عليها بنصف النصف الباقي وقيمة نصف الموهوب؛ لأن حقهما شائع في الجميع، فصار الموهوب كالتالف.