فيكون جميع الصداق للزوج، أو يعفو الولي عن نصيب الزوجة فيكون الجميع للزوج {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}[البقرة: ٢٣٧] ، يعني: الأزواج. فيكون الجميع للزوجة، لأن الله تعالى قال:{أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ}[البقرة: ٢٣٧] ، وهذا ورد فيما بعد الطلاق، والذي بيده عقدة النكاح عليها: هو الولي دون الزوج. ولأن الكناية ترجع إلى أقرب مذكور قبله، وأقرب مذكور قبل هذا: هو النصف الذي للمرأة. ولأن الله تعالى ذكر العفو في الآية في ثلاثة مواضع، فإذا حمل هذا على الولي.. حصل لكل عفو فائدة، وإذا حمل على غيره.. جعل أحدهما مكررًا.
و (الثاني) : قال في الجديد: (الذي بيده عقدة النكاح: هو الزوج) . وبه قال علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وأرضاه، وجبير بن مطعم - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وابن المسيب، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وشريح - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -، وأهل الكوفة: الثوري، وأبو حنيفة، وأصحابه.
{وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}[البقرة: ٢٣٧] ، يعني أن عفو الأزواج أفضل من عفو الزوجات، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ}[البقرة: ٢٣٧] ، وعقدة النكاح: عبارة عن معقوده، ومعقود النكاح بيد الزوج دون الولي؛ لأن الله تعالى قال:{وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}[البقرة: ٢٣٧] ، وهذه مفاضلة بين عفوين تقدم ذكرهما، ولا يصح ذلك إلا إذا كان المراد بالذي بيده عقدة النكاح هو: الزوج. ولأن المهر مال للصغيرة، فلا يصح للولي إسقاطه، كسائر أموالها.
فإذا قلنا: إن الذي بيده عقدة النكاح هو الولي.. لم يصح العفو إلا بخمسة شروط:
أحدها: أن يكون الولي أبا أو جدًا؛ لأنهما لا يتهمان فيما يريان من الحظ.