عبيدة السلماني قال: جاء إلى علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رجل وامرأة، ومع كل واحد منهما فئام من الناس - يعني: جماعة - فقال علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: (ابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها) ، ثم قال للحكمين:(أتدريان ما عليكما؟ عليكما إن رأيتما أن تجمعا.. جمعتما، وإن رأيتما أن تفرقا.. فرقتما) ، فقالت المرأة: رضيت بكتاب الله لي وعلي، وقال الرجل: أما الجمع: فنعم، وأما الفرقة: فلا، فقال علي:(كذبت: لا والله، لا تبرح حتى ترضى بكتاب الله لك وعليك) ، فاعتبر رضاه.
ولأن الطلاق بيد الزوج، وبدل العوض بيد المرأة، فافتقر إلى رضاهما.
فعلى هذا: لا بد أن يوكل كل واحد منهما الحكم من قبله على الجمع أو التفريق.
والثاني: أنهما حكمان من قبل الحاكم. وبه قال مالك والأوزاعي وإسحاق، وهو الأشبه؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا}[النساء: ٣٥][النساء: ٣٥] ، وهذا خطاب لغير الزوجين، وسماهما الله تعالى حكمين.
فعلى هذا: لا يفتقر إلى رضا الزوجين.
إذا ثبت هذا: فإن الحكمين يخلو كل واحد منهما بأحد الزوجين وينظر ما عنده، ثم يجتمعان ويتشاوران. فإن رأيا الجمع بينهما.. لم يتم إلا برضاهما.
وإن رأيا التفريق بينهما، فإن رأيا أن يفرقا فرقة بلا عوض.. أوقعها الحاكم من قبل الزوج. وإن رأيا أنهما يفرقان بينهما بعوض.. بذل الحاكم من قبلها العوض عليها، وأوقع الحاكم من قبل الزوج الفرقة.