وإن قال: أنت طالق طلقة بعدها طلقة.. وقع عليها طلقتان؛ لأن الجميع يصادف الزوجية. وإن قال: أردت بقولي: (بعدها طلقة) : أوقعها فيما بعد.. لم يقبل في الحكم؛ لأنه يريد تأخير طلاق واقع في الظاهر. ويدين فيما بينه وبين الله تعالى؛ لاحتمال ما يدعيه.
وإن قال: أنت طالق طلقة قبلها طلقة.. قال الشافعي:(وقع عليها طلقتان) . واختلف أصحابنا في كيفية وقوعهما:
فحكى الشيخ أبو إسحاق الشيرازي والمحاملي: أن أبا إسحاق المروزي قال: يقع عليها طلقتان، إحداهما بقوله: أنت طالق، والأخرى قبلها بالمباشرة؛ لأن الإنسان يملك أن يعلق بالصفة طلاقا فيقع قبل الصفة، كقوله: أنت طالق قبل موتي بشهر، ثم يموت بعد شهر.
وحكى الشيخ أو حامد في " التعليق ": أنَّ أبا إسحاق قال: يقع عليها طلقة بالمباشرة بقوله: أنت طالق، وطلقة بالإخبار: أنه طلقها قبلها طلقة.
وقال أبو علي بن أبي هريرة: يقع عليها طلقتان معا؛ لأنه لا يتقدم الوقوع على الإيقاع. هكذا حكى الشيخ أبو إسحاق عنه.
وسائر أصحابنا حكوا عنه أنه قال: يقع عليها طلقة بقوله: أنت طالق، وطلقة بعدها بقوله: قبلها طلقة.
فعلى ما حكاه الشيخ أبو حامد عن أبي إسحاق: يحكم عليه بوقوع الطلقة التي باشرها ظاهرا وباطنا. وأما الطلقة التي أخبر أنه أوقعها قبلها.. فإنما يحكم بوقوعها في الظاهر دون الباطن إن لم يكن صادقا في إقراره.