أبو الطيب: وهذه تعرف بالعمانية؛ لأنها وقعت في عمان وكتبوها إلى بغداد، واختلف فيها القائلون بأن طلاق التنافي لا يقع.
فمنهم من قال: لا تنحل اليمين الأولى، فإن لم يحج في سنته.. طلقت؛ لأن عقد اليمين قد صح فلم يرتفع.
ومنهم من قال: تنحل اليمين الأولى، قال القاضي أبو الطيب: وأفتيت بذلك وبه أعمل؛ لأنه يعد هذا القول كقوله قبله، فلو وقع الطلاق بالحنث.. لوقع الثلاث قبلها، ولو وقع الثلاث قبلها.. لم يقع الطلاق بالحنث. والقول الأول أن عقد اليمين إذا صح.. لم يرتفع لا يصح؛ لأنه يجوز أن يعلق الطلاق بصفة ثم يسقط حكمه بصفة أخرى، بأن يقول: إذا جاء رأس الشهر فأنت طالق ثلاثا، ثم يقول لزوجته: أنت طالق الآن.
السابعة: إذا قال لزوجته: متى دخلت جاريتي الدار وأنت زوجتي فهي حرة، ومتى عتقت فأنت طالق ثلاثا قبل عتقها بثلاثة أيام، فمضت ثلاثة أيام، ثم دخلت الأمة الدار.. لم تعتق الأمة ولم تطلق الزوجة؛ لأنا لو أعتقناها لوجدت الصفة بالطلاق الثلاث قبله؛ لأنها عتقت وقد قال لها: إذا عتقت فأنت طالق قبله ثلاثا بثلاثة أيام، وإذا وقع الطلاق الثلاث قبله.. لم تكن له زوجة في حال دخولها الدار، وإذا لم توجد صفة الزوجية.. لم تعتق، وإذا لم تعتق.. لم يقع الطلاق.
الثامنة: قال ابن الحداد: إذا كان عبد بين شريكين، فقال أحدهما للآخر: متى أعتقت نصيبك منه فنصيبي منه حر قبل عتقك إياه بثلاثة أيام - وهما موسران - فأمهل المقول له ثلاثا فأكثر، ثم أعتق نصيبه.. لم يعمل عتقه؛ لأنه لو عمل.. لدل على وقوع عتق صاحبه قبله، ولو وقع عتق صاحبه قبل عتقه.. لما وقع عتقه، وإذا لم يقع عتقه.. لم توجد الصفة في وقوع عتق الذي خاطبه.