و «طلق ابن عمر امرأته وهي حائض، فأمره النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يراجعها» .
وروي: «أن ركانة بن عبد يزيد قال: يا رسول الله، إني طلقت امرأتي سهيمة ألبتة، والله ما أردت إلا واحدة، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " والله ما أردت إلا واحدة؟ "، فقال ركانة: والله ما أردت إلا واحدة، فردها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عليه» . والرد: هو الرجعة.
وأجمعت الأمة: على جواز الرجعة في العدة.
إذا ثبت هذا: فقد قال الله تعالى في آية: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ}[الطلاق: ٢][الطلاق: ٢] وقال في آية أخرى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ}[البقرة: ٢٣٢][القرة: ٢٣٢] ، وحقيقة البلوغ: هو الوصول إلى الشيء، إلا أن سياق الكلام يدل على اختلاف البلوغين في الاثنتين، فالمراد بالبلوغ بقوله تعالى:{فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}[الطلاق: ٢][الطلاق: ٢] أي: إذا قاربن البلوغ. فسمى المقاربة بلوغا مجازا؛ لأنه يقال إذا قارب الرجل بلوغ بلد: بلغ فلان بلد كذا مجازا، أو بلغها: إذا وصلها حقيقة.
والمراد بالآية الأخرى:{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ}[البقرة: ٢٣٢][البقرة: ٢٣٢] أي إذا انقضى أجلهن، وإذا انقضت عدتها.. لم تصح الرجعة؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ}[البقرة: ٢٢٨][البقرة: ٢٢٨] أي: في وقت عدتهن، وهذا ليس بوقت عدتهن. وقَوْله تَعَالَى:{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ}[البقرة: ٢٣٢][البقرة: ٢٣٢] ، فنهى الأولياء عن عضلهن عن النكاح، فلو صحت رجعتهن.. لما نهى الأولياء عن عضلهن عن النكاح.
وإن طلق امرأته قبل الدخول.. لم يملك الرجعة عليها؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ}[البقرة: ٢٢٨][البقرة: ٢٢٨] ، فخص الرجعة بوقت العدة، ومن لم يدخل بها.. فلا عدة عليها، فلم يملك عليها الرجعة.