قبضته.. حسبت المدة عليه؛ لأنها ممكنة من نفسها في زوجية تامة. فإن وطئها زوجها.. فقد حنث في يمينه، وقد وفاها حقها؛ لأن الضرر زال عنها بذلك.
وإن آلى منها وهو عاقل، ثم جن في مدة التربص.. احتسبت المدة؛ لأن المنع من جهته، فإن وطئها في حال جنونه.. لم يحنث في يمينه ولم تلزمه الكفارة؛ لارتفاع القلم عنه. وهل يخرج من حكم الإيلاء؟ فيه وجهان:
أحدهما: يخرج من حكم الإيلاء، وهو المنصوص؛ لأن الوطء حق عليه، فإذا أوفاها إياه.. صح وإن كان مجنونا، كما لو كانت عنده وديعة فردها في حال جنونه.
والثاني: لا يخرج من حكم الإيلاء؛ لأنه إنما يخرج من حكم الإيلاء بوطء يحنث فيه، وهذا لم يحنث فيه.
فإذا قلنا: يخرج من الإيلاء.. فإنه يكون حالفا، ولا يكون موليا، فإن أصابها في حال إفاقته.. حنث في يمينه، ولا تتوجه عليه مطالبة، ولا تضرب له مدة التربص.
وإذا قلنا: لا يخرج من الإيلاء.. ففيه وجهان:
أحدهما: أنه يطالب بالفيئة أو الطلاق إذا أفاق، ولا تضرب له المدة؛ لأن اليمين قائمة.
والثاني: تضرب له المدة ثانيا؛ لأن الأولى قد انقضت وأوفاها حقها من الوطء فيها، فاحتاج إلى مدة ثانية. هذا نقل أصحابنا البغداديين.
وقال المسعودي [في " الإبانة "] : إذا وطئها في حال جنونه.. فهل يحنث في يمينه، وتجب عليه الكفارة؟ فيه قولان، كالمحرم إذا قتل الصيد في حال جنونه.
فإذا قلنا: لا كفارة عليه، فأفاق ووطئها.. فهل تلزمه الكفارة؟ فيه وجهان:
أحدهما: تلزمه، وهو اختيار ابن الحداد؛ لأن فعله في حال الجنون كـ: لا فعل.
والثاني: لا تلزمه؛ لأن اليمين قد انحلت بالوطء الأول.
فإذا قلنا: تلزمه الكفارة إذا وطئ في حال الإفاقة.. فهل يعود حكم الإيلاء؟ على وجهين.