ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الطلاق لمن أخذ بالساق» ، والزوج هو الذي يأخذ بالساق دون الحاكم. ولأنه أحد ما يخرج به من الإيلاء، فلم يكن للحاكم فيه مدخل، كالفيئة.
وقال في الجديد:(يطلق عليه الحاكم) . وهو قول مالك، والرواية الأخرى عن أحمد، وهو الأصح؛ لأنه حق تدخله النيابة لمعين، فإذا امتنع المستحق عليه.. قام الحاكم مقامه، كقضاء الدين.
فقولنا:(تدخله النيابة) احتراز من الفيئة.
وقولنا:(لمعين) احتراز ممن أسلم وتحته أكثر من أربع نسوة وأسلمن معه، وامتنع من اختيار أربع منهن.
إذا ثبت هذا: فإن الحاكم يطلق عليه طلقة. فإن طلق عليه أكثر من واحدة.. لم يقع أكثر من واحدة؛ لأنه إنما يقوم مقامه في الواجب عليه، والواجب عليه طلقة.
وإذا طلق الزوج بنفسه طلقة أو طلقتين، أو طلق عليه الحاكم.. فإن الطلاق يقع رجعيا. وبه قال مالك وأحمد.
وقال أبو ثور:(يقع الطلاق بائنا؛ لأن هذه فرقة لإزالة الضرر، فإذا كانت رجعية.. ملك رجعتها، فلا يزول الضرر عنها، فوجب أن تقع بائنة، كفرقة العنة والإعسار بالنفقة) .
وهذا خطأ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ}[البقرة: ٢٢٨][البقرة: ٢٢٨] ، ولم يفرق بين أن يكون الطلاق في الإيلاء أو غيره. ولأنه طلاق صادف مدخولا بها من غير عوض ولا استيفاء عدد.. فكان رجعيا، كالطلقة في غير الإيلاء. ويخالف فرقة العنة والإعسار؛ فإن تلك فسخ وهذا طلاق.