وإن جنت بعد انقضاء المدة، أو أغمي عليها.. فقد قلنا: إن الولي لا يطالب الزوج بشيء؛ لأن الحق لها في ذلك دونه.
وإن كان العذر من جهته.. نظرت: فإن كان مجنونا أو مغمى عليه.. فإنه لا يطالب؛ لأن المطالبة إيجاب تكليف، وليس هو من أهل التكليف. فإذا أفاق.. طولب من ساعته بالفيئة أو الطلاق.
وإن كان محبوسا بغير حق في موضع لا تصل إليه المرأة، أو كان مريضا مرضا لا يقدر معه على الجماع، أو يقدر معه على الجماع إلا أنه يخاف من الجماع الزيادة في العلة أو تباطؤ البرء، فإن اختار أن يطلقها وطلقها.. فقد أوفاها حقها. وإن لم يختر أن يطلقها.. لزمه أن يفيء فيئة المعذور.
قال الشيخ أبو حامد: و (فيئة المعذور) : هو أن يقول: قد ندمت على ما فات، ولو قدرت على الفيئة.. لكنت أفيء.
وقال القاضي أبو الطيب: يقول: إذا قدرت.. وطئت.
قال ابن الصباغ: وهذا أحسن؛ لأن الفيئة: هو الرجوع، والرجوع هاهنا: أن يظهر رجوعه عن المقام على اليمين، وعزمه يحصل بذلك.
وقال أبو ثور:(لا يلزم المعذور أن يفيء باللسان؛ لأن الضرر لا يزول عنها بذلك) .
وهذا خطأ؛ لأن الفيئة تجب عليه على حسب إمكانه، إما بالفعل إن كان قادرا. فإذا كان عاجزا.. قامت الفيئة باللسان مقام الفعل، كالرجل إذا ثبتت له الشفعة وكان حاضرا.. فإنه يطالب بها، وإن كان غائبا. فإنه يجب عليه أن يشهد على نفسه أنه مطالب بالشفعة.
إذا ثبت هذا: وفاء باللسان على ما ذكرناه.. سقطت عنه المطالبة في الحال.
فإذا زال عذره.. كلف الإصابة في الحال من غير أن تضرب له المدة، كما قلنا في الشفيع إذا أشهد على نفسه إذا كان غائبا، فإذا حضر.. أخذ بالشفعة، وإلا.. سقط حقه.