أحدهما: لا يقع عن الميت؛ لأنه كان غير متحتم عليه، فلم يقع عنه، كما لو تطوع عنه بالعتق بغير إذنه.
والثاني: يقع عن الميت، وهو الأصح؛ لأنه مخير بين الثلاثة، فإذا فعل أحدها.. تعين بالفعل، وبان أنه فعل واجبا، فوقع عن الميت، كما لو كان العتق متحتما.
إذا ثبت هذا: فقال رجل لآخر: أعتق عبدك عني، فأعتقه عنه.. فلا يختلف أصحابنا أن العبد قد دخل في ملك المعتق عنه، ولكن اختلفوا، متى ملكه وعتق عليه؟ على أربعة أوجه:
فـ[أحدها] : منهم من قال: دخل في ملكه بالاستدعاء، وعتق عليه بالإعتاق. وهذا ضعيف؛ لأن الإيجاب شرط في الملك، فلا يتقدم الملك عليه.
و [الثاني] : منهم من قال: إذا شرع المعتق في العتق دخل في ملك المعتق عنه، وبإكمال قوله:(أعتقت) عتق عليه. وهذا ضعيف أيضا؛ لأنه يدخل عليه ما ذكرناه على الأول.
الثالث - وهو قول أبي إسحاق المروزي -: أنه يقع الملك والعتق في حالة واحدة، وهو عقيب قوله:(أعتقت) ؛ لأنه إنما يمتنع اجتماع الضدين في طريق المشاهدة، فأما من طريق الحكم.. فلا يمتنع. وهذا ليس بشيء؛ لأن ما امتنع في العقل من اجتماع الضدين في المشاهدة.. لا يجوز إثباته في الأحكام؛ لأنه يكون حكما بالمحال.
الرابع - وهو اختيار الشيخين: أبي حامد، وأبي إسحاق، والقاضي أبي الطيب، وابن الصباغ -: أنه يقع الملك عقيب قوله: (أعتقت) ، ثم يعتق عليه بعد ذلك؛ لأن من شرط العتق الملك، فما لم يوجد الملك.. لا يوجد العتق، ولا يمتنع أن