وروي عن ابن مسعود:(أنه نحر جزورًا، فأصاب ثوبه من دمه وفرثه، فصلى ولم يغسله) .
دليلنا: قَوْله تَعَالَى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}[المدثر: ٤][المدثر: ٤] والمراد به: عن النجس؛ لأن الثوب لا يتأتى فيه الطهارة عن الحدث.
وروي: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«تنزهوا من البول؛ فإن عامة عذاب القبر منه» . ولم يفرق.
وروى أبو هريرة: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«تعاد الصلاة من قدر الدرهم من الدم» .
إذا ثبت هذا: فالنجاسة على ضربين: دم، وغير دم.
فأما غير الدم، كالخمر، والبول، والعذرة: فإن كانت يدركها الطرف. . لم يعف عنها؛ لأنه يمكن الاحتراز منها. وإن كانت لا يدركها الطرف. . ففيها طرق مضى ذكرها في المياه.
وإن كانت دمًا: فإن كان دم ما لا نفس له سائلة، كالبق، والبرغوث. . فقد ذكرنا فيما قبل: أنه نجس - خلافًا لأبي حنيفة - وإذا ثبت: أنه نجس. . فإنه يعفى عن قليله في الثوب والبدن؛ لأنه لا يمكن الاحتراز منه.
وهل يعفى عن كثيره؟ فيه وجهان:
[الأول] قال أبو سعيد الإصطخري: لا يعفى عنه؛ لأنه لا يشق الاحتراز منه.
و [الثاني] قال عامة أصحابنا: يعفى عنه. وهو الأصح؛ لأن هذا الجنس يشق الاحتراز منه في الغالب، فألحق نادره بغالبه.