ومن أصحابنا الخراسانيين من قال: هل يجب التغليظ بحضور الجماعة؟ فيه قولان، كالمكان. والمشهور هو الأول. هذا مذهبنا.
وقال أبو حنيفة:(لا يستحب التغليظ بالمكان ولا يجب) .
دليلنا:(أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لاعن بينهما على المنبر) . فثبت أن للمكان تأثيرا في اللعان.
إذا ثبت هذا: فإن المكان - الذي قلنا: يستحب اللعان فيه، أو يجب - هو أن يلاعنها في أشرف موضع في البلد الذي فيه اللعان.
فإن كان بمكة.. لاعن بينهما بين الركن والمقام؛ لما روي:(أن عبد الرحمن بن عوف مر بقوم وهم يحلفون رجلا بين الركن والمقام، فقال: أعلى دم؟ فقالوا: لا، قال: أفعلى عظيم من المال؟ فقالوا: لا، فقال: لقد خشيت أن يتهاون الناس بهذا المقام) . وروي:(بهذا البيت) . يقال: تهاون بالشي: إذا استخف بحرمته.
وإن كان بالمدينة.. لاعن بينهما في مسجد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لأنه أشرف البقاع بها، وهل يكون على المنبر؟ اختلفت الرواة فيه عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: