دليلنا: ما روي: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«المتلاعنان لا يجتمعان أبدا» .
فأخبر أن المتلاعنين لا يجتمعان، وأن الفرقة وقعت بينهما باللعان.
ولأنها فرقة متجردة عن عوض لا تنفرد به المرأة، فوجب أن يقع بقول الزوج وحده، كالطلاق.
فقولنا:(متجردة عن عوض) احتراز من الخلع.
وقولنا:(لا تنفرد به المرأة) احتراز من الفسخ بالعنة والإعسار بالنفقة.
وأما الجواب عن رواية ابن عمر، وابن عباس: فهذه قضية في عين لا يمكن ادعاء العموم فيها، فيحتمل أنه أراد: فرق بينهما في الزوجية، ويحتمل أنه فرق بين أبدانهما. وخبرنا: هو قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ظاهر لا احتمال فيه.
وأما الجواب عن خبر العجلاني: فإن معنى قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لا سبيل لك عليها "، أي: إلى الإمساك والطلاق؛ لأنها قد بانت منه باللعان؛ لأن العجلاني ظن أن الفرقة لم تقع باللعان، فلذلك طلقها؛ ولهذا لما قال له النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لا سبيل لك عليها ".. قال: أين مالي؟ أي: إذا لم يكن لي إمساكها ولا طلاقها.. فأين الذي أعطيتها؟ فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إن كنت صادقا.. فبما استحللت من فرجها " - يعني: أنك دخلت بها - وإن كنت كاذبا.. فأبعد "، يعني: أنك دخلت بها، وكذبت عليها.
الحكم الخامس: أن الفرقة باللعان فسخ، ويقع به التحريم مؤبدا.
وقال مالك، وربيعة، وداود:(لا يقع زوال الفراش والتحريم إلا بلعانهما جميعا) .
وقال أبو حنيفة، ومحمد:(الفرقة الواقعة باللعان طلقة ثانية، ولا يتأبد التحريم) .