وإن قال: بالله لأفعلن كذا - بالباء المعجمة بواحدة من تحت - فإن نوى بها اليمين أو أطلق.. كان يمينا؛ لأنه قد ثبت لها عرف الشرع، قال الله تعالى:{يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا}[التوبة: ٧٤][التوبة: ٧٤] ، وثبت لها عرف اللغة؛ لأن أهل اللغة يقولون: الباء إنما هي أصل حروف القسم، وغيرها بدل عنها.
فإن صرفها بنيته عن اليمين؛ بأن نوى: بالله أستعين، أو أثق بالفعل الذي أشرت إليه، أو بالله أومن.. لم يكن يمينا؛ لأنه يحتمل ما نواه.
وإن قال: تالله لأفعلن كذا - بالتاء المعجمة باثنتين من فوق - فقد نص الشافعي في (الإيلاء) : (لو قال: تالله لا أصبتك.. كان موليا) . قال المزني: وقال الشافعي في (القسامة) : (إنها ليست بيمين) . واختلف أصحابنا فيه:
فمنهم من قال: هي يمين في القسامة وغيرها إذا نوى بها اليمين أو أطلقها؛ لأنه قد ثبت لها عرف الشرع؛ وهو قَوْله تَعَالَى:{تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ}[يوسف: ٨٥][يوسف: ٨٥] ، وقَوْله تَعَالَى:{تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا}[يوسف: ٩١][يوسف: ٩١] ، وقَوْله تَعَالَى:{وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ}[الأنبياء: ٥٧][الأنبياء: ٥٧] ، وما حكاه المزني عن (القسامة) .. فهو تصحيف منه، وإنما قال الشافعي في (القسامة) : (إذا قال: يا الله.. لا يكون يمينا) ، وتعليله يدل على ذلك؛ لأنه قال:(لأنه دعاء) وأراد به الاستغاثة، بفتح اللام من اسم الله.
ومنهم من حملها على ظاهرها، فقال: إن كان في الإيلاء.. كان يمينا، وإن كان في القسامة.. لم يكن يمينا؛ لأن في القسامة أثبت لنفسه حقا، فلم يقنع منه إلا بصريح اليمين التي لا تحتمل، وفي الإيلاء يتعلق به حق غيره، فحمل اللفظ على ظاهره.