وإن كتب إليه، أو أرسل إليه.. فهل يحنث؟ فيه قولان - وقال أصحابنا: والرمز والإشارة كالكتابة -:
[الأول] : قال في القديم: (يحنث) . وبه قال مالك؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{آيَتُكَ أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلا رَمْزًا}[آل عمران: ٤١][آل عمران: ٤١] . فاستثنى الرمز من الكلام، والاستثناء إنما يكون من جنس المستثنى منه، ولقوله تعالى:{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا}[الشورى: ٥١][الشورى: ٥١] . والوحي: هو الرسالة، فدل على: أن الوحي كلام. ولأن الجميع وضع لتفهيم الآدمي، فأشبه الكلام.
و [الثاني] : قال في الجديد: (لا يحنث) . وبه قال أبو حنيفة، واختاره المزني؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا}[مريم: ٢٦]{فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا}[مريم: ٢٧]{يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا}[مريم: ٢٨]{فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ}[مريم: ٢٩][مريم: ٢٦-٢٩] . فلو كانت الإشارة كلاما.. لم تفعله.
وما ذكره الأول.. فيجوز الاستثناء من غير جنس المستثنى منه.
ويحرم عليه أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام، والسابق.. أسبقهما إلى الجنة» .