قال في القديم:(تمكث إلى أن تعلم براءة رحمها، ثم تعتد بالشهور) . وبه قال عمر، ومالك، وأحمد؛ لأن العدة تراد لبراءة الرحم، فإذا علم براءته ... فلا معنى للتربص، ولأنا لو قلنا: تقعد إلى الإياس.. لأضر ذلك بها في منعها من النكاح، وأضر بالزوج في وجوب النفقة والسكنى عليه، فوجب إزالته.
وقال في الجديد:(تقعد إلى الإياس، ثم تعتد بالأشهر) . وبه قال علي بن أبي طالب، وأبو حنيفة؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ}[الطلاق: ٤][الطلاق: ٤] . فدل على: أنه لا يجوز لغير الآيسة والصغيرة أن تعتد بالشهور، وهذه غير آيسة قبل أن تمضي عليها مدة الإياس.
فإذا قلنا بقوله القديم: بأنه يعتبر براءة الرحم.. فهل يعتبر براءة رحمها في الظاهر، أو براءته قطعا؟ فيه قولان:
أحدهما: يعتبر براءته في الظاهر، وهو: أن تمكث تسعة أشهر، وبه قال عمر، ومالك، وأحمد؛ لأن التسعة الأشهر غالب مدة الحمل، فإذا لم يتبين بها حمل.. فالظاهر براءة رحمها وإن جاز أن تكون حاملا في الباطن، كما أنها إذا كانت من ذوات الأقراء، فاعتدت بثلاثة أقراء.. فإنه يحكم بانقضاء عدتها وإن جاز أن تكون حاملا في الباطن وأن هذا دم رأته على الحمل.
والقول الثاني: أنه يعتبر براءة رحمها قطعا، وهو: أن تمكث أربع سنين؛ لأنه لا يتيقن براءة الرحم من الولد إلا بهذا القدر، إذ لو كان الاعتبار ببراءة الرحم في الظاهر.. لوجب إذا مضى عليها ثلاثة أشهر ولم يظهر بها حمل.. أن يحكم ببراءة رحمها؛ لأن الظاهر أن الحمل يتبين بثلاثة أشهر.
وإذا مضت لتسعة أشهر على القول الأول، أو أربع سنين على القول الثاني، ولم