وأما المعتدة التي لا إحداد عليها قولا واحدا.. فهي المطلقة الرجعية؛ لأنها في معاني الزوجات، والزوجة لا إحداد عليها.
وكذلك: إذا نكح الرجل امرأة نكاحا فاسدا، أو وطئها ثم فرق بينهما أو مات عنها، أو وطئ رجل امرأة بشبهة.. فإنه يجب عليها عدة الطلاق، ولا يجب عليها الإحداد.
وكذلك أم الولد إذا مات عنها سيدها.. فإنه لا يجب عليها الإحداد؛ لقوله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا» . وهذا ليس بزوج. ولأن الإحداد إنما يجب على المعتدة التي فارقها زوجها بغير اختياره، فيجب عليها أن تظهر الحزن عليه والتمسك بذمامه، وهذا المعنى لا يوجد في المنكوحة نكاحا فاسدا، ولا في الموطوءة بشبهة.
وأما المعتدة التي اختلف فيها قول الشافعي.. فهي المطلقة البائن، وفيها قولان:
[الأول] : قال في القديم: (يجب عليها الإحداد) . وبه قال ابن المسيب، وأبو حنيفة، وإحدى الروايتين عن أحمد؛ لأنها معتدة بائن عن نكاح صحيح، فلزمها الإحداد، كالمتوفى عنها زوجها.
و [الثاني] : قال في الجديد: (لا يجب عليها الإحداد) . وبه قال عطاء، وربيعة ومالك، والرواية الأخرى عن أحمد؛ لأنها معتدة عن طلاق، فلم يجب عليها الإحداد، كالرجعية.
أو نقول: إنها معتدة تتنوع عدتها ثلاثة أنواع، فلم يلزمها الإحداد، كالرجعية، وفيه احتراز من المتوفى عنها زوجها؛ فإن عدتها تتنوع نوعين لا غير.
وأما التي انفسخ نكاحها باللعان، أو العنة، أو العيب، أو الخلع.. فهل يجب عليها الإحداد؟ فيه طريقان:
[الطريق الأول] : قال أكثر أصحابنا: فيه قولان، كالمطلقة البائن.