وإن قلنا: لا يحلقه.. فإنه يلحق بالثاني، وتعتد بوضعه عن الثاني، ثم تتم بقية عدتها من الأول بعد الوضع، فإن راجعها الأول بعد وضعها الحمل في حال إتمامها لعدته.. صحت الرجعة، وإن راجعها قبل وضع الحمل.. ففيه وجهان:
أحدهما: لا يصح؛ لأنها في عدة من غيره، ولأنها محرمة عليه في هذه الحالة، والرجعة لا تنفي ذلك التحريم، وكل تحريم لم تنفه الرجعة.. لم تصح الرجعة معه، كما لو ارتدت في العدة، وراجعها.. فإن الرجعة لا تصح.
والثاني: تصح الرجعة؛ لأنا لم نحكم بانقضاء عدتها منه، فصحت رجعته؛ لأن هذا التحريم لا يفضي إلى زوال النكاح، فلم يناف الرجعة، كما لو طلقها طلاقا رجعيا، وأحرمت، فراجعها في حال الإحرام، ويفارق رجعتها في حال الردة، فإن الردة تفضي إلى زوال النكاح.
وإن قلنا: إن الولد لا ينتفي عن الأول إلا باللعان.. فحكمه كحكم ما لو أمكن أن يكون الحمل من كل واحد منهما، على ما يأتي إن شاء الله تعالى.
المسألة الثالثة: إذا لم يمكن أن يكون الولد من واحد منهما، بأن تأتي به لأكثر من أربع سنين من طلاق الأول، ولدون ستة أشهر من وطء الثاني.
فإن كان الطلاق بائنا.. فإنه لا يمكن أن يكون من أحدهما، وفيه وجهان، حكاهما الشيخ أبو إسحاق:
أحدهما: لا تعتد به عن أحدهما؛ لأنه غير لاحق بأحدهما.
فعلى هذا: إن رأت الدم على الحمل، وقلنا: إنه حيض.. فإنها تعتد بالأطهار أقراء، فتتم عدتها من الأول، ثم تستأنف العدة عن الثاني، وإن لم تر الدم على الحمل، أو رأته، وقلنا: إنه ليس بحيض.. فإنها تتم عدتها عن الأول بعد الوضع، ثم تستأنف العدة عن الثاني.
والوجه الثاني: أنها تعتد بالحمل عن أحدهما لا بعينه؛ لأنه يمكن أن يكون من أحدهما؛ ولهذا: لو أقر به.. لحقه، فانقضت به العدة، كالمنفي باللعان.
فعلى هذا: يلزمها أن تعتد بعد وضعه بثلاثة أقراء؛ لجواز أن يكون من الأول.