في الوطء، وهذا الزوج إذا وطئها.. فقد سقى ماءه زرع غيره؛ لأن البائع أو المشتري قد وطئها قبله، ولم تستبرأ، ولا يؤمن أن تكون حاملا.
وروى أنس: أن النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«لا يحل للرجلين أن يتشاركا في وطء امرأة في طهر واحد» . وهذا الزوج إذا وطئها.. فقد اشتركا في طهر واحد.
ولأنه وطء له حرمة، فلم يجز لغير الواطئ نكاحها، كالموطوءة بنكاح.
وإن اشترى الرجل أمة من امرأة، أو أمة طفل لا يجامع مثله، أو من خصي، أو من رجل فحل وطئها، إلا أن البائع استبرأها قبل البيع.. فيجوز للمشتري أن يتزوجها ويزوجها غيره قبل الاستبراء، وإن أعتقها المشتري.. كان له أن يتزوجها قبل الاستبراء أيضا. هذا نقل البغداديين من أصحابنا.
وقال المسعودي [في " الإبانة "] : إذا استبرأها البائع.. فهل يجوز للمشتري أن يزوجها غيره قبل الاستبراء، وهل يجوز له أن يتزوجها إذا أعتقها قبل أن يستبرئها؟ فيه وجهان، الأصح: أنه يجوز.
فإن قيل: فقد منعتموه من وطئها في هذه المسائل قبل الاستبراء، فكيف يجوز له إنكاحها ونكاحها؟
قلنا: الفرق بينهما: أنه لا ضرر على أحد بترك الاستبراء في النكاح، والظاهر براءة رحمها من ماء كل أحد، ولو أتت بولد من غير الزوج.. أمكنه نفيه باللعان، وليس كذلك وطؤه بملك اليمين قبل الاستبراء؛ لأن على المشتري ضررا بذلك؛ لأنها لو أتت بولد لأقل من مدة الحمل.. لحقه، ولا ينتفي عنه باللعان، وإنما ينتفي ولد الأمة عن سيدها، بأن يدعي: أنه استبرأها، ويحلف عليه، وإذا لم يكن استبرأها.. لم يمكنه أن يحلف عليه. ولأن الاستبراء لحق الملك إنما يكون عقيب الملك، فلم يعتد بما تقدم من الاستبراء، والاستبراء في النكاح يكون قبل النكاح، وهو العدة، وقد تقدم الاستبراء، فوجب أن يعتد به.